المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

"بعلمي سأنتقم".. رحلة سوري لتأمين تعليمه رغم الظروف الخانقة

 
   
05:00

http://anapress.net/a/208179999359776
1531
مشاهدة


"بعلمي سأنتقم".. رحلة سوري لتأمين تعليمه رغم الظروف الخانقة
جانب من العملية التعليمية في سوريا- أرشيفية

حجم الخط:

"في العام 2012 حصلت على الشهادة الثانوية العامة بمعدل جيد، لكنه لم يكن حينها يعطيني الإمكانية لدخول الكلية التي كنت أحلم بها.. كان بإمكاني دخول الهندسة بأنواعها والصحافة وبعض الأفرع العلمية والأدبية المتعارف عليها، بينما لم يسمح لي معدلي بدخول قسم طب الأسنان.. دخلت حينها فرعاً تعليمياً يُدعى تعويضات الأسنان يمكن للطالب من خلاله أن يلتحق بعد ذلك بطب الأسنان في حال كان من المتفوقين، بينما حلمي الصغير لم أستطع تحقيقه لأني كنت على لائحة المطلوبين للنظام السوري بتهمة الخروج مع المتظاهرين في الشوارع".

"بحياة كلٌ منا ما يستحق أن يُروى" كما يقول المفكر المصري جلال أمين.. وبهذه الكلمات، يبدأ الشاب السوري أيمن مستو، رواية رحلته لتأمين تعليمه على رغم الظروف الخانقة التي واجهها، وهي الرواية التي تستحق أن تُروى كجانب بخاصة في اليوم العالمي للتعليم، بما تعكسه من قيم ومعانٍ مُهمة، وأيضاً بما تعبر عنه من حجم المعاناة التي يواجهها السوريون منذ اشتعال الحرب في بلادهم.

ويتابع مستو: "بالتأكيد انتهت الخطة التي رسمتها منذ طفولتي فقط لأن الحرب بدأت بطرق الأبواب وقرعت الأجراس.. مرت الأيام السوداء والبيضاء وضاعت الأحلام وكدنا ننسى أننا طلبة، حتى أن وصلنا إلى نهاية العام 2015 عندما تم افتتاح فرع لشعبة طب الأسنان في غوطة دمشق الشرقية، أحد أهم المناطق المحررة من القبضة الأمنية للنظام السوري آنذاك، وكانت حينها تتبع إلى جامعة حلب الحرة التابعة إلى وزارة التعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة، إمكانيات شبه معدومة كجامعة وكطلاب".

السراج يقول دائما انتقمت من حافظ الأسد الذي اعتقلني بتعليمي؛ وأنا شخصياً أقول أنني كما السراج سأنتقم بعلمي
 مستو

كانت فرصة ذهبية لا يمكن تعويضها أو خسارتها؛ "آثرنا عليها العمل وتأمين لقمة العيش على أن استطيع دخولها وتوفير الوقت اللازم لها خصيصاَ في أوقات القصف والحرب والحصار.. كنت في ذلك الحين أعمل في الصحافة؛ ما أجبرني على تخفيض كل نشاطاتي وأعمالي على أمل تحقيق ما كنت أتمنى من تحصيل علمي جيد حتى نبني أجيالاً قادرة على بناء مجتمع سليم".

ويردف: "تحت القصف وتحت النار والخوف المسيطر على قلوبنا كنا نجبر أنفسنا على الخروج من المنزل والذهاب إلى مكان الجامعة.. فعلاً وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى كانت مجازفة؛ فالجامعة كانت بناءً تعليمياً تم تجهيزه للتعليم دون أدنى مقومات الحماية؛ تم وضع المعدات الخاصة بطلاب الطب البشري وكلية طب الأسنان فيه".

تعرض مبنى الكلية لهجمات صاروخية وقذائف مدفعية كثيرة جداً، عاد ذلك بأضرار كثير كانت تسبب عطلاً طويلاً، "لكن نحن كطلاب وإدارة حافظنا على إصرارنا بمتابعة الدوام واستمرار التعليم فيها" على حد قوله. (نرشح لكم: أنس.. تحدى الإعاقة بسلاح العلم).

ويستكمل الشاب السوري رواية قصته قائلاً: "في إحدى الأيام كانت القذائف تتسابق بالسقوط على المنطقة التي أسكن بها في الوقت الذي كانت أمامي في منزلي مادة التشريح وأقوم بحفظ ودراسة المعلومات الموجودة في الكتاب، حينها لم أذكر أنني كررت الفكرة مرة أخرى لحفظها بل التوتر سبق إرادتي وشغل فكري".

"اليوم الثاني مع الهدوء النسبي كان دوام الكلية يبدأ في الساعة السابعة صباحاً، طبعا الدوام الصباحي لتفادي الضربات الجوية التي تنفذها الطائرات في منتصف النهار من كل يوم، فكانت الامتحانات في يومها جيدة وتقديمي وكتاباتي ممتازة رغم الألم والمشاعر المحيطة بي.. بعد خروجي من الامتحان وعودتي إلى منزلي في مدينة كفربطنا كانت صدمة لي فاجأتني بشكل غريب عندما وجدت الكوارث الحقيقة.. عند وصولي بالقرب من مدينة كفربطنا أول ما شاهدته من بعيد غبار ودخان يغطي كل المنطقة، النيران مشتعلة بكل مكان؛ وصلت بالقرب من أحد الأماكن التي تعرضت للقصف والتي شاهدت فيها مناظر تكفي لمنعي من التعليم وقتلي بسبب حدتها وقساوتها؛ ذهبت فوراً إلى منزلي ليطمئن قلبي على أهلي وعائلتي".

"في الأيام الأخيرة من دراستي في الكلية عندما أصرّ النظام على تهجير قسري لأهالي الغوطة الشرقية كان أمامي حلمي يتحطم.. بذلت جهداً كبيراً من أجله ولكي أحققه، فكان أمامي خياران؛ أحدهما البقاء في أحضان النظام الذي قتلنا ولا أعلم مصيري، أو التهجير إلى شمال سوريا دون معرفة ما تحمل لنا الأيام المقبلة وما يخبئ لنا الزمن في بلاد الغربة والتهجير". (اقرأ/ي أيضًا: "كأني أرد جزءًا من جميل السوريين".. فتاة مصرية تدعم اللاجئين على طريقتها الخاصة).

حلم

ويردف: "دون الحديث عن شدة الرعب والتشتت التي عشتها في أواخر الأيام بالغوطة التي سبقت التهجير بقليل فرغم ذلك كان أمام عيني في كل حساباتي وقراراتي أن أسلك طريقاً استطيع من خلاله تحقيق حلمي في الحصول على شهادة طب الأسنان بجدارة، فعند وصولنا إلى الشمال السوري والاستفادة من النصائح التي كان مفادها قرار اتخذته بعد فترة قليلة بالخروج إلى تركيا".

"توقعاتي للحياة في تركيا كانت تعنونها البساطة والسهولة والراحة؛ هذا ما زاد الجرح عمقاً؛ فصعوبة الحياة وتعقيدها كانت كافية لتجبرنا على إعادة النظر قليلا في كيفية لحاق العلم.. لن أحدثكم عن الطريق الوعر والجبلي والوديان بين سوريا وتركيا الذي كلفني 17 ساعة من المشي في المجهول لتبدأ العقبات بعد ساعتين تماماً من وصولي تركيا عندما وجدت أمامي لغة مختلفة فلا يمكنك التواصل مع الآخرين المتواجد بينهم ومقبل على التعايش بينهم عدا عن اختلاف العادات والتقاليد فأنا رأيت أمامي ثقافة ومجتمع جديد بالكامل".

طريق

متابعة التعليم في تركيا تختلف تماما عن باقي المناطق، بدأتُ بسرعة بدراسة برنامج "اليوس" والذي من خلاله يمكنني اختيار طريقي أو الوصول إلى مطلبي، واجهتني الكثير من المتاعب أنا وباقي السوريين الطلبة الذين قصدوا التعلم في تركيا؛ أبرز العقبات قضية المصاريف المالية، فلا يمكنك بالمطلق التوفيق بين العمل والدراسة.

"في الحقيقة يمكنني أن أفصح عن بعض الأمور الخاصة المتعلقة بطريقة تعلمي والنوافذ التي اتبعتها طوال المسيرة التعليمية التي انتقلت بي من دمشق (أقدم العواصم التاريخية) إلى اسطنبول (أم الثقافات).. اتخذت من الطبيب براء السراج وهو دكتور سوري اعتقل في تدمر قبل خروجه وانتقاله إلى أميركا ليدرس في هارفردـ، أستاذاً، كان الطبيب قدوتي وأنا أذكر بدقة في أيام الحصار في الغوطة عندما كنت بشكل دائم اقرأ رواية من تدمر إلى هارفرد للطبيب براء؛ وغيرها من الروايات البارزة والتي حملت شأناً عالياً في المجتمع، فكان الطبيب براء نموذجاً يمكنني التمعن بخطواته وحياته لأستطيع أن أصل وأحصل على بعض من العلم والدرجات العلمية التي حصل عليها ووصل إليها، فكان السراج يقول دائما انتقمت من حافظ الأسد الذي اعتقلني بتعليمي؛ وأنا شخصياً أقول أنني كما السراج سأنتقم بعلمي". ويواصل مستو مسيرته التعليمية سعياً وراء حلمه، حاملاً نفس الشعار: "سأنتقم بعلمي".




كلمات مفتاحية