سوتشي.. رحلة إلى المجهول

عقب أسبوع واحد على فشل الجولة الثامنة من مفاوضات "جنيف" وخروجها دون نتائج عملية تذكر كما كان متوقعًا لها من ذي قبل، انعقدت في العاصمة الكازاخية "الأستانة" مشاورات عسكرية لخفض التصعيد، جاءت في إطار التمهيد لعقد مؤتمر "سوتشي" في روسيا بنهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل. شجع فشل جنيف الجانب الروسي على إحياء الدعوة لسوتشي من أجل عقد ما تُسميه موسكو بـ "الحوار الوطني السوري".

ردود أفعال مشككة وغاضبة من انعقاد جولة من المشاورات في منتجع سوتشي الروسي، والذي أعلن مدير إدارة آسيا وإفريقيا في وزارة الخارجية الكازاخستانية ايداربك توماتوف أنه سيعقد في يومي الـ 29 والـ 30 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقال توماتوف للصحفيين على هامش الجولة الثامنة من المحادثات في أستانا حول خفض تصعيد التوتر في سوريا "إن المؤتمر سيعقد يومي 29 و30 يناير/كانون الثاني". بدوره، أكد وزير الخارجية الكازاخستاني، خيرت عبد الرحمنوف، أثناء تلاوته البيان الختامي للدول الضامنة، ألا وهي روسيا وتركيا وإيران، أن الدول الثلاث ستعقد يومي 19 و20 يناير/كانون الثاني اجتماعا تمهيديا في سوتشي.

وتعليقًا على سوتشي، تحدث الأمين العام لمجلس السوريين الأحرار أسامة بشير عن ما يمثله "سوتشي" من فخ روسي، مشددًا في السياق ذاته على أن "بشار متمسك بالسلطة أكثر من أي وقت مضى، وكل من يعتقد بأن مؤتمر سوتشي سينتج عنه حل فهو واهم..  عندما كان النظام بأضعف حالاته كان وفد النظام يرفض التطرق لموضوع رحيل بشار فكيف ذلك وهو بهذا الوضع الآن داخليا سياسيا وتغير في الموقف الدولي تجاه رحيله". (اقرأ أيضًا: ملف المعتقلين.. من جنيف إلى الاستانة والوعود الروسية).

وتابع: "فهل من أحد يعتقد بأن سوتشي برعاية الروس الداعمين لبشار بكل قوتهم العسكرية والفيتو المرفوع دائما لصالح النظام، وبعد كل ذلك هل من أحد يعتقد بأنه سيكون هناك تغير في الموقف الروسي؟ أعطوني سببًا واحدًا يجعل الروس يغيرون موقفهم.. الوضع الميداني سيء.. النظام يسيطر على مدن ومناطق كثيرة بينما المعارضة السياسية ضعيفة، والوفد المفاوض تم اختياره على المقاس".

واستعرض العديد من مسببات ذلك المشهد من بينها "إيقاف الدعم عن الفصائل، فضلا عن الموقف العربي والدولي تغير لصالح النظام" ورغم كل هذا هناك من يعتقد بأن الروس سيتخلون عن بشار. إن سوتشي هو فرض دستور وفرض بقاء بشار، ولن تكون هناك أي مناقشة أو طرح رحيل بشار، إما ان يقبلوا ببقاء بشار وإما التصعيد العسكري وتحديدا على إدلب. (اقرأ أيضًا: 2017عام الانكسارات والتراجع العسكري لفصائل الثورة السورية).

وإلى ذلك، أفادت الأكاديمية السورية المعارضة مرح البقاعي بأنه "يمكن أن تذهب شخصيات معارِضة إلى سوتشي وفِي هذه الحالة فهي تمثل نفسها ولا تمثل المؤسسة التي تنتمي إليها وتكون المسؤولية شخصية وليست عامة على تبعات قرارها".

وتابعت: "ثم ماذا ستجلب سوتشي لنا ما لم تجلبه جنيف بقراراتها المدعومة دولياً وبزخم الحضور الدبلوماسي والأممي فيها وبجلاء الصورة تماماً في جولتها الأخيرة حين أعلن ديمستورا أن المعطل هو وفد النظام وهو المسؤول عن فشل الجولة بامتياز؟ سوتشي هو رحلة إلى المجهول ويجب أن لا نكون جزءاً منها".

كما شدد المعارض السوري زكوان بعاج على أن "الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات ووفدها المفاوض سيبصمون بالعشرة في مؤتمر سوتشي، لأنه مؤتمر مرتب أسديا وروسيًا من البواب إلى مقرر الجلسة وحتى البيان النهائي، ولن يستطيعوا أن يقدموا شيئا في المرحلة القادمة؛ لذلك يجب إسقاطهم قبل أن يبيعوا ما تبقى بأيدهم إذا قرروا المشاركة في مؤتمر سوتشي"، وفق تعبيره.

وشدد على أن "الثوار لن يستسلموا حتى تحقيق أهدافهم برحيل العصابة الأسدية الإجرامية الشريرة ومحاكمتها على جرائمها، ورحيل الغزاة المحتلين والانتقال السياسي بعيدا عن المجرمين.. تغربلت الثورة السورية فبقي بعد غربال سوتشي الثوار الحقيقيون.. لا تنسوا أن مؤتمر سوتشي لا يشارك فيه من يسيطر على 40% من سوريا".

وإلى ذلك، دعا نشطاء إلى تنظيم فعاليات احتجاجية وتظاهرات في عدد من العواصم الأوربية ضد انعقاد مؤتمر "سوتشي"، والمناداة بضرورة تشكيل لجنة حرة للانتقال السياسي بدون بشار الأسد، أو الانسحاب من كل المفاوضات حتى لا يتم اعطاء شرعية لنظام الأسد في المرحلة المقبلة بوصفها تهدف إلى إعادة السوريين الى حضن بشار.