أسئلة حول "سوتشي".. موقف المعارضة والالتفاف الروسي

حسمت الهيئة العليا للمفاوضات أخيرًا موقفها إزاء المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في "سوتشي"، وذلك برفضٍ كان متوقعًا في كثيرٍ من الأوساط السورية، رغم أنه "جاء متأخرًا" بصورة نسبية.

رفض المعارضة المشاركة في سوتشي، مع تقليل روسيا –في تصريحات رسمية- من إمكانية التعويل على نتائج حاسمة من المؤتمر، يجعل انعقاد المؤتمر عملية تحصيل حاصل في تقدير محللين، في تصريحات متفرقة لـ "أنا برس"، رأوا أن المؤتمر "فاقد للشرعية قبل أن يبدأ" على اعتبار المقاطعات الواسعة في صفوف المعارضة السورية لذلك المؤتمر.  (للمزيد من التفاصيل: بسام القوتلي لـ "أنا برس": تراكم الجهود يؤدي في النهاية لفشل سوتشي).

وفي هذا الإطار، حملت التطورات الأخيرة التي شهدها ملف "المشاركة في مؤتمر سوتشي" وقبل أيام من انعقاده العديد من التساؤلات، من أبرز تلك التساؤلات التي رددها السوريون خلال الأيام الأخيرة هي "لماذا تأخرت الهيئة العليا للمفاوضات في حسم موقفها حتى أنها لم تحسمه سوى مساء يوم أمس فقط، رغم حملات المقاطعة والرفض القاطع في صفوف الكثير من أطياف المعارضة السورية لمسألة المشاركة في المؤتمر، وعلى رأسها الائتلاف؟". (اقرأ أيضًا: منى غانم لـ "أنا برس": حملات مقاطعة سوتشي "ليس لها أية أهمية".. لهذا السبب).

من بين الأسئلة كذلك التي تطرح نفسها بقوة قبيل أيام من انعقاد "سوتشي" هو ما يرتبط بمستقبل المؤتمر وما سوف تخرج عنه من قرارات وبيانات. خاصة وأن الجانب الروسي وعلى لسان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، قد أكد أن "مؤتمر الحوار الوطني السوري المرتقب لن يتوقع أن يضع نقطة في عملية التسوية السياسية للأزمة".

تأخر المعارضة

أولًا وحول الأسباب في تأخر الهيئة العليا للمفاوضات في إعلان موقفها الحاسم من المشاركة من سوتشي، يقول عضو الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة جورج صبرا، إنها تكمن في التناقضات التي تعاني منها الهيئة، وهي تناقضات بين المنصات التي تتنوع صلاتها وولاءاتها الدولية. (اقرأ أيضًا: 82% من السوريون يرفضون "سوتشي"... لهذه الأسباب‎).

ويرى صبرا، في تصريحات لـ "أنا برس"، أن المشاركة إن كانت تمت فإن ذلك كان سوف يعني تجاهل إرادة الشعب السوري والضرب عرض الحائط بمصالح الثورة وقرارها الذي عبرت عنه قوى الثورة والمعارضة هو تنازل وأكبر من تنازل أنه انصياع لإرادة الدول وطعن العملية السياسية الحقيقية في جنيف.

من جهة أخرى، يقول الكاتب السوري المعارض حافظ قرقوط لـ "أنا برس"، إن طريقة إنشاء المعارضة منذ البدء وإلى الآن، وتشكيلها إلى هيئات تمت على أسس ورغبات دولية وإقليمية، وبالتالي كانت هناك مرجعيات للمعارضة يجب أن تعود إليها قبل أي استحقاق، سواء سوتشي أو غيره. ويوضح المعارض السوري أن الحمل والمسؤولية الملقاة على عاتق المعارضة بناءً على طريقة تشكيلتها ووفق ما تم ذكره لا يمكنها أن تتخذ أي قرارًا مستقلاً، وأوراق المعارضة على الأرض في أسوأ حالاتها، وفق وصفه. (اقرأ أيضًا:  قياديان بالعليا للمفاوضات يتحدثان لـ "أنا برس" عن موقف الهيئة بشأن "سوتشي").

ويتابع قرقوط: المعارضة تدرك أنه حال كان قد تم اتخاذ قرار المشاركة في مؤتمر سوتشي فإن ذلك سوف يكون محفوفًا بالمخاطر، ناهيك عن الرفض الشعبي للمشاركة ورفض معظم الفصائل العسكرية أيضاً.

الالتفاف الروسي

جاء موقف المعارضة مخيبًا لآمال الروس الذين كانوا يحاولون إضفاء الشرعية على المؤتمر كمسار بديل عن مسار جنيف، ففي الوقت الذي تسعى فيه الأمم المتحدة وبعض الدول للحفاظ على مسار جنيف كمسار وحيد لحل الأزمة السورية، تظهر مخاوف من الالتفاف على جنيف من خلال سعي روسيا لفرض مؤتمر سوتشي الذي سينعقد أواخر الشهر الجاري، وقد بات هناك سباق خفي بين روسيا والدول الغربية لوضع آلية الحل السياسي في سوريا، كلا وفق مصالحه. (للمزيد من التفاصيل: مؤتمرات استانة واتفاق خفض التصعيد في مهب الريح).

وعن ذلك الأمر يقول رئيس مجلس السوريين الأحرار أسامة البشير: ماذا ستقدم روسيا لكي تشارك المعارضة في سوتشي؟ وما هذه التغيرات في الحل الروسي إذا كان طائرات لم تقف عن القصف والمجازر التي ارتكبها الروس لا تختلف عن مجازر النظام بالقصف للمشافي والأسواق والمدنيين؟

ويتساءل البشير، كيف أن تمثل المعارضة في سوتشي ونائب وزير الخارجية الروسي صرح سابقاً لا مكان في سوتشي لمن يطالب برحيل الأسد؟ ثم ماذا قدمت المؤتمرات السابقة بالرعاية الروسية إلا التنازلات من المعارضة، وسوتشي لن يقدم شيئًا جديدًا إلا تكريسا لبقاء الأسد بالسلطة.

وجهت روسيا، دعوات إلى 1600 سوري لحضور مؤتمر الحوار الوطني السوري المقرر عقده في مدينة سوتشي في 29 و30 من الشهر الجاري. وأعلنت روسيا عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يشارك بينما يشارك في أعمال المؤتمر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.