المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

إدلب.. المثلية والثورة السورية

 
   
13:28

http://anapress.net/a/163013251420027
3443
مشاهدة


إدلب.. المثلية والثورة السورية

حجم الخط:

"عجل أخلع ثيابك وإنزل على ركاكيبك"، هكذا بدأ الزجال السبعيني أبو زهير قصيدته، ساخراً من رأس النظام السوري، مستخدماً شائعات أُطلقت على إدلب فوجهها للـ سخرية السياسية.

الثورة تكسر المحُرم

تعتبر محافظة إدلب السورية ضمن دائرة المجتمعات المحافظة (المتدينة) الرافضة لظاهرة المثلية الجنسية حتى في سبيل التندر، حالها كحال المدن والمحافظات السورية كافة، حتى غيرت الثورة السورية نمطية المجتمع الإدلبي، فـ استطعات إخراج المخبأ إلى العلن وكسر المُحرمات، بل وأصبحت العبارات المحرمة سابقاً مقولة.

يقول الشاعر "أبو زهير" المنحدر من مدينة سلقين بريف ادلب:

"منذ عقود خلت، والشائعات تطلق على محافظة إدلب بأنها الأولى بالمثلية الجنسية، فمنها على سبيل النكتة ومنها على سبيل التندر، وعلى الرغم أن الشائعات لم تكن ذات مصداقية، إلا أن المثلية في إدلب كانت موجودة ولكن ليس في هذا القدر الذي اطلقتها الشائعات، فالمثلية الموجودة بإدلب مثلها كمثل أي محافظة سورية ذات العدد وذات الشكل ولكن في ادلب أخذت سيطاً أكبر مما هي عليه".

وأضاف؛ "أكتب شعر الزجل منذ عشرات السنين ولم أتطرق لمثل هذه المواضيع بتاتاً، لا أدري السبب ربما خوفاً من حجار المجتمع أو هواجس سخرية الناس على ما أكتبه، حتى اندلعت الثورة السورية ورأيت لافتات كفرنبل تستخدم الموضوع ذاته، ساخرين من الخصوم السياسيين للثورة السورية، وتقبل الناس ذلك بطريقة غريبة، خاصةً بالداخل السوري فتجرأت وأطلقت قصيدتي الأولى من هذا النوع، وحين تلوتُ القصيدة في إحدى المظاهرات نالت أعجاب الجميع وهذا ما أدهشني".

الرسام "أحمد جلل" الذي انتشرت لوحاته الكاريكاتيرية على نطاق واسع وأخذت سيطاً عالمياً بجانب لوحات كفرنبل يقول: "لم أكن أتجرأ على طرح تلك المواضيع قبل الثورة السورية، فلم يكن هناك أي مساحة للتعبير عن الرأي وخصوصاً بما يتعلق بالسياسة، وهذا كان من الأسباب الأساسية لقيام الثورة السورية".

وعن تقبل الناس لرسوماته قال: "أي فكرة تحملها اللافتات لها مؤيدوها ولها معارضوها، لكن بشكلٍ عام أي فكرة تطرح بأسلوب ساخرٍ كوميدي يتقبلها الناس وبشراهة؛ ولعل ما ميز الكثير من لافتات كفرنبل هو أسلوبها الساخر".

"الشائعات الشعبية عن سمعة أهالي إدلب غير صحيحة وبعيدة كل البعد عن الواقع"، يقول جلل، ويضيف: "سمعة أهالي إدلب حالها كحال سمعة أهالي حمص الذين يُتهمون بالغباء ومعظم النكت السورية بطلها حمصي والواقع مغاير تماماً".

"عزيز الأسمر" رسام جرافيكي من مدينة بنش بريف ادلب، يواكب الأحداث السورية والعالمية من خلال هوايته الرسم على جدران وأسقف البيوت والمباني المدمرة قال: "كان من المُحرم علي وعلى غيري الرسم على الجدران العامة إلا بموافقة رسمية، وطبعاً لرسوماتس خالية من السياسية، فبكل تأكيد كانت تجربتي الأولى في هذا الصدد حين اندلعت الثورة السورية".

جدارية الأسمر الجديدة التي حملت عنوان "أقلب فأنت في إدلب"، يقول الأسمر: "إن المعنى الأخلاقي للعنوان هو إنقلاب حسابات الأسد في حسم معركة إدلب، فتقلب الدبابة والطائرة والعناصر على أبواب إدلب، أما المعنى اللا أخلاقي الذي يناسبه فهو أنه في إدلب سوف يقلب على ركبتيه وتتجلى شائعات إدلب به".

وأشار الأسمر الى رسمه العديد من الرسومات المشابهة على جدران مدينته، لكنه يطر لمسحها بين الحين والأخر لرسم أفكارٍ جديدة تواكب أحداث الثورة السورية.

إدخال الفن بالجنس

استطاع فنانو الثورة السورية من رسامين وشعراء ومغنيين، إدخال فنهم ضمن الحراك الثوري بالتندر على النظام والشخصيات السياسية بـ الشائعات التي تطلق على مدينة ادلب، فتمكنوا عبرها من حصد إعجاب وتقبل العديد من الناس، فواكب فنهم الأحداث اليومية للثورة.

يقول جلل: "إن هذه الرسمة جاءت رداً على أحد تصريحات حسن نصر الله، عندما قال موجهاً كلامه للمعارضة السورية (إن أردوها بالحرب فبالحرب وإن أرادوها بالحب فبالحب)، فكان الجواب من أهل إدلب أنهم يريدونها بالحب ولكن على طريقتهم".

ويرى الشاعر "أبو زهير" بأن قصيدته لا تختلف عن باقي قصائده التي نالت أعجاب العديد ونُشرت في بعض الصحف، ويقول: "لا أرى قصيدتي إقلب فأنت في إدلب، بعيدة عن باقي قصائدي التي نشرت في الصحف قبل إندلاع الثورة، وليست بأقل أهمية منها على العكس فقد أزرفت بها الوقت أكثر من أي قصيدة أخرى".

https://youtu.be/DYo5nZa3jhk

لم يتوقف أهالي إدلب عن إدراج المثلية الجنسية في الرسومات والشعر في حراكهم السلمي وحسب، بل وضمن مظاهرتهم تداولوا أغنية قد ألفوها ولحنوها بأنفسهم تحت عنوان "يا إيراني كلبك ودع" تضمن شطراً يقول فيه المغني (يا بشار وحنا إدلب عنا جباري بدك تقلب)، مستوحين ذاك الشطر من الشعارات التي رددها أهلي إدلب في مظاهراتهم.

تناقض

رغم استخدام أهالي إدلب المثلية الجنسية في التندر على النظام السوري وحلفائه، إلا أن المثليين غير مقبولين في محافظة إدلب، ورغم وضع المجتمع المحافظ، خطوطاً حمراء للمثلية إلا أنها موجودة، علماً أن المثليين يخفون مثليتهم تحت الأرض وتحيط السرية بسلوكهم، ويلفهم الخوف من لعنات المجتمع.

رائد (إسم مستعار) أحد المثليين الجنسيين من ريف إدلب ويقيم في ألمانيا يقول: "الثورة السورية لم تغير شيئاً من نظرة المجتمع للمثليين الجنسيين، بل على العكس حاربتهم أكثر مما كانت عليه الأمور قبل إندلاع الثورة، فحين كان النظام يتولى زمام الأمور يُحكم على المثليين بثلاثة سنوات أو يزيدون، أما الآن فالحكم إعدام".

وأضاف رائد: "حتى عائلتي تبرأت مني بعد إكتشاف أمري، وطردني والدي من المنزل فلا أتعجب إن لم يتقبل مجتمع الثورة السورية مثليتي".

واعتبر رائد أن الثورة السورية استخدمت المثلية الجنسية للسخرية من النظام وحلفائه فقط، قائلاً: "لم تستخدم المثلية الجنسية ضمن الصورة السورية لأن أهالي إدلب مثليين، بل فقط من أجل السخرية من النظام وحلفائه، وما أن تعترف لأحد ممن يرفع تلك الشعارات بمثليتك حتى يقرف منك ويبتعد عنك".

وعن عدد المثليين في ادلب يقول رائد: "من ضخامة الشائعات تظن أنها محافظة المثليين وهي على عكس هذا تماماً، ومن النادر أن تعرف عن مثليين في محافظة إدلب كانت قبل اندلاع الثورة وازدادت ندرتهم بعد فرض عقوبات الإعدام عليهم".

أحكام وقوانين

في القانون السوري وضمن المادة 520، كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى ثلاث سنوات.

فعندما يقبل النص القانوني التفسير الذي يتعارض مع غرض المشرع بصورة بعيدة عن الانسجام بالنسبة لبقية النصوص القانونية المتعلقة بموضوع واحد، ينبغي أن يصار فيه إلى التفسير الذي يتلاءم مع بقية النصوص المذكورة, وعبر الإجتهادات القضائية فإن نص المادة 520 عقوبات؛ عبر عن فعل "اللواطة" بكلمة المجامعة على خلاف الطبيعة.

أما في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، فيخرج الحكم بالإعدام في بعض المناطق، أم البعض الآخر فهو مغيب عن تلك الأحكام لعدم وقوع أي حادثة مشابهة تم الكشف عنها.