المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

القصة الرابعة: لن يكون الختام يا ختام.. سنلتقي!

 
   
21:24

http://anapress.net/a/150557623679312
803
مشاهدة


القصة الرابعة: لن يكون الختام يا ختام.. سنلتقي!
صورة تعبيرية- أرشيفية

حجم الخط:

(هذه القصة جزء من سلسلة قصص يروي أصحابها وقائع فقدان رفاقهم خلال سنوات الحرب.. للاطلاع على الملف الرئيسي كاملًا: "فقدت رفقاتي.. وهذه قصتي")

 

 

"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما كان يظنان كل الظن ألا تلاقيا"*

"لن يكون الختام يا ختام، حتمًا سنلتقي يا رفيقتي العزيزة.. صحيح أن علاقتنا كانت أشهر قليلة، لكن ذكرياتنا كبيرة، ما يجمعنا كان كبيرًا جدًا.. لن أملَّ السؤال عنكِ".. لسان حال "ميرنا" وهي تحكي عن رفيقتها ختام التي فقدت التواصل معها على وقع تصاعد الحرب في سوريا.

الفقدُ ليس فقط موتًا ذاق مرارته إبراهيم ويمان في القصتين الأولى والثانية من هذا الملف حينما فقدا رفيقيهما (عامر وعلي) على الترتيب، ولا مجرد قرار طوعي بإنهاء العلاقة بعد تغير أحد الأطراف كما في حالة (يُسر) التي عانت منها الشابة (ز) في القصة الثالثة.. لكنّه قد يتمثل أيضًا في تلك القصة التي ترويها "ميرنا" في عدم القدرة على الوصول إلى الرفيق، بعد أن انقطعت السبل كافة إليه، وصار من غير المعروف مكانه.

كان من ضمن ما يميز رفيقتي ختام أنها كانت تتقبل كل الآراء وتتقبل "كلي الحكي"
 ميرنا

ثمة شعور بالوحشة حتمًا ينتاب ميرنا، فذاك الذي فقد صاحبه في الحرب وإن ظل حزنه ملازمًا له طيلة حياته فإنه على الأقل صار يعرف مصير رفيق الدرب غير القابل للشك أو التشكيك، وتلك التي هجرت رفيقتها لخلافهما السياسي كان القرار طوعًا واختياريًا منها.. بينما تلك التي لا تعرف شيئًا عن صديقتها بعدما انقطعت السبل بينهما على وقع الحرب الدائرة في سوريا، فثمة أحاسيس متضاربة تتداخل لديها، وأسئلة لا تنقطع عن مصير رفيقتها، إضافة إلى شعوري الافتقاد والحنين لتلك الأيام التي مضت.. أين هي "ختام" الآن؟ كيف حالها؟ هل هي سعيدة أو حزينة؟ هل تزوجت وصار لها بيتًا وأولاد؟ هل هي بخير أم أصابها مكروه؟ هل تتذكرني وتتذكر أيامنا الحلوة؟ أسئلة لا إجابة لها عند "ميرنا".

تروي ميرنا لـ "أنا برس" على هامش اليوم العالمي للصداقة وضمن ملف (فقدت رفقاتي)، قصتها ورفيقتها ختام، وتقول:

"طبعا بالبداية بحب أقول وجهه نظري بالصداقة بشكل عام، بعتبرها أنا أسمى من مشاعر الحب؛ لأنه الصديق بيقدر يكون كل شيء، فبيستكمل كل المشاعر وكل العواطف، وممكن نشاركه أي شيء بدنا إياه".

رفيقتي ختام من دير الزور، تحديدًا من أحد الأحياء البسيطة جدًا، التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة.. تعرفت إليها بالسنة الثالثة بالجامعة (جامعه تشرين)، كان عمرنا حينها 20 عامًا.. "يمكن الفترة اللي قضيتها معها كانت عبارة عن أشهر قليلة، بس عشنا فيها لحظات ودقايق وساعات وأيام ما ممكن ننساها أبدًا".

ختام صاحبة القلب الطيب، والمعاملة التي اكتسبتها من البيئة التي نشأت فيها، فكلنا نعرف كيف هي معاملة دير الزور، وكيف أن أهلها أناس طيبين، وطبيعة المعاملة عندهم أخلاقية جدًا.. كان موقف ختام السياسي معارضًا لنظام بشار الأسد، وكانت دائمًا ما تبادلني الأحداث التي تحدث لديهم في دير الزور.

كان من ضمن ما يميز رفيقتي ختام أنها كانت تتقبل كل الآراء، وتتقبل "كلي الحكي".. ختام كانت "كتير طيبة معي ومع الكل، بس يمكن كانت أقرب واحدة مني وأنا كنت أقرب واحدة منها، رغم هي الفترة القليلة اللي عشناها، وكان كتير بوقت صعب وامتحانات، بس الحمد لله يمكن أنا قدرت أطلعها من الجو؛ كوني عشت باللادقية فترة أكبر منها، فصرت أطلع معاها مشاوير نطلع شوي بوقت الفراغ.. عرفتها على ناس جدد، يمكن غيرت من حياتها.. ما بعرف إذا كان لي أثر بحياتها زي ما هي ليها ذكرى عندي".

كل لحظة ما عم بنساها..  الصداقة شيء مقدس، أي لحظة عشتها معها أو مع أي صديقة بحبها
ميرنا

بعد انقضاء تلك الفترة لم يعد هنالك تواصل بيني وبينها، بعدما انقطعت سبل الاتصال والتواصل.. والآن "ما عم أحسن أوصلها.. وعم حاول، ودايمًا عم بسأل: حد شاف ختام؟! بس ما عم بعرف أوصلها".

الذكري التي لا أنساها لختام هي كل شيء، "كل لحظة ما عم بنساها.. قولتلك بالبداية إن الصداقة شيء مقدس، أي لحظة عشتها معها أو مع أي صديقة بحبها ومادامت علاقتنا ملموسة حتي الآن مستحيل أنسى أي شي".

لا أنسى ذكرياتها فقط، بل لا أنساها هي نفسها، لا أنساها كصديقة، مستحيل أنساها.. كل فعل أو موقف أو حتى كلمة معها مستحيل أنساها.. "في هيك مواقف هي مضحكة، منها حديثنا عن اللهجة السورية أو اللكنات السورية.. هي بتختلف من محافظه لمحافظة، فهي كانت تقلدني وتقولي أنتم أهل إدلب بتحكوا آخر كلمة بالكسرة.. وأنا كنت أقلدها". 

 

القصة السابقة: تغيرنا.. تغير كل ما فينا!

القصة التالية: "عُمر السجن ما غيّر فكرة"!

ــــــــــــــــــ

علاقة ختام وميرنا وجه آخر من أوجه الفقد، فتاة جامعية تعرفت إلى أخرى، علاقة استمرت لشهور، لكنّها كانت كفيلة بأن تتحول لصداقة قوية.. ثمة صداقة تتكوّن في أيام وأسابيع عندما تحدث "الكيميا" بين الطرفين، ثم ما يلبث الطرفان ويدركا أنهما متشابهين، أنهما ثنائي يُمكن أن يكون "صداقة العُمر" وإن جاءت متأخرة.. لكن تلك الصداقة حُكم عليها بالنهاية –ربما تكون نهاية مؤقتة- بعدما قطعت ظروف الحرب التواصل بين الطرفين بعد انتهاء فترة الجامعة.. ميرنا تبحث عن ختام؟ فهل تبحث عنها ختام أيضًا ولم تنسها؟

 

*بيت الشعر لقيس بن الملوح، من قصيدة "تذكرتُ ليلى والسنين الخواليا"

-ميرنا مراسلة صحافية من إدلب. روت لـ "أنا برس" تفاصيل فقدها لـ "ختام" عبر رسائل صوتية خاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك". لم تضف المزيد من التفاصيل عن علاقتها بـ "ختام".




كلمات مفتاحية