المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

اقتتال الفصائل.. هل أضاع "الثورة السورية"؟ (تحقيق)

 
   
13:30

http://anapress.net/a/118838896952210
1141
مشاهدة


اقتتال الفصائل.. هل أضاع "الثورة السورية"؟ (تحقيق)
النظام المستفيد الأول من اقتتال الفصائل- صورة أرشيفة

حجم الخط:

استطاعت فصائل المعارضة المسلحة بعد فترة من انطلاقة "الثورة" السيطرة على أكثر من 70% من مساحة سوريا، ولم تشهد هذه المرحلة أي اقتتال أو تصادم فيما بينها، وانتهت هذه المرحلة عمليا مع نهاية العام 2014.

المرحلة التالية -بعد نهاية 2014- اتسمت بالهبوط والانكسار والانزياح عن الأهداف المعلنة والدور الوظيفي للجيش السوري الحر، وبدأت تزداد حدة مظاهر الانكسار، ويتنامى التباين في المرجعيات الفكرية والسياسية شيئا فشيئا.

هذا التباين صبغ مرحلة الانكسار بصراع داخلي وصل إلى اقتتال دام، ومعارك ذات طابع استئصالي، بسبب اختلاف المشاريع بين الفصائل وكذلك الصراع على السلطة والنفوذ، وهو "ما عزز الانتقال من قادة جماعات ثورية إلى أمراء حرب، ينساق معهم أفراد الفصيل مجبرين مكبلين بأعباء مالية واجتماعية"، على حد وصف محللين في تصريحات توردها "أنا برس" في هذا التقرير.

وبالتالي بدأت مرحلة الاقتتال والتصادم بين فصائل المعارضة المسلحة مع نهايات عام 2014 التي شهدت أول اقتتال بين الفصائل السورية بسبب النفوذ والتوسع على حساب الأخرين.. وفيما يلي نستعرض أبرز الاشتباكات والصراعات التي حصلت بين الفصائل المسلحة بدءا من نهاية عام 2014 وحتى نهاية عام 2018..

جبهة النصرة تهاجم ثوار سوريا

في نهاية الشهر السابع من العام 2014 هاجمت جبهة النصرة مقرات جبهة ثوار سوريا في مدن حارم وسلقين وعزمارين في ريف إدلب وفرضت سيطرتها على من وصفتهم بالـ "المفسدين"، وذلك في بيان صادر عنها بعد سيطرتها على المدن الثلاثة، وأسفرت تلك الاشتباكات عن ثلاثة قتلى وتسعة جرحى.

https://youtu.be/1YRixlfMyVs

جيش الإسلام يصفي جيش الأمة

وفي شهر سبتمبر/ أيلول من العام ذاته (2014) قام جيش الإسلام بتصفية جيش الأمة، وذلك بعد أن دارت اشتباكات عنيفة في الغوطة الشرقية انتهت بتصفية جيش الأمة الذي تشكل عبر اندماج فصائل مقاتلة معارضة بالغوطة الشرقية في ريف دمشق، وكان يتألف من عشرة فصائل وهي (لواء شهداء دوما، لواء أسود الغوطة، لواء الفاروق عمر، لواء فتح الشام، لواء شهداء عربين، لواء أنصار الأمة، فوج المهام الخاصة، لواء السيف الدمشقي، كتائب حرملة بن الوليد، لواء زيد بن ثابت)، كما أسفرت الاشتباكات عن أربعة قتلى و11 جريحاً.

استنزاف بين لواء شهداء اليرموك وجبهة النصرة

وبسبب خلافات عميقة بين لواء "شهداء اليرموك" من جهة، وجبهة النصرة وأحرار الشام من جهة أخرى، وقع اقتتال بينهما، كانت قد بدأت ملامحه في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2014، وظل مستمرا، ما أدى إلى استنزف عشرات المقاتلين من كلا الجانبين، وأدى إلى جمود على الجبهات الجنوبية ككل.. وأسفر عن 6 قتلى وعدة جرحى، وتواصلت الاشتباكات بصور متقطعة خلال الفترات التالية.

https://youtu.be/Ru4OHzuh5xA

اشتباكات بين حركة حزم وجبهة النصرة

ومع بدايات العام 2015 تصادمت حركة حزم (المدعومة من الولايات المتحدة آنذاك)، وجبهة النصرة، ودارت بينهما اشتباكات عنيفة في محيط الفوج 46 وبلدة الأتارب وفي المشتل وريف المهندسين في الريف الغربي لمحافظة حلب، ما تسبب بمقتل 29 مسلحا على الأقل من حركة حزم وستة من جبهة النصرة.

اقتتال النفوذ في الغوطة الشرقية

كما وقع اقتتال شهير بين فيلق الرحمن وجيش الإسلام في شهر نيسان/ أبريل من العام 2016، وهو اقتتال النفوذ في الغوطة الشرقية، حيث شهدت عدة مدن وبلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، حالة من التوتر والخلافات العسكرية الحادة بين أكبر فصيلين في الغوطة الشرقية (جيش الإسلام وفيلق الرحمن)، نتج عنها تقطع الأوصال بين بلدات الغوطة بحواجز عسكرية وسقوط أكثر من 20 قتيلاً وجرحى بين الطرفين. (اقرأ/ي المزيد من التفاصيل: جيش الإسلام في حوار المكاشفة.. كواليس يكشفها لـ "أنا برس" للمرة الأولى).

تصادم أحرار الشام مع جبهة النصرة

وفي الوقت الذي كانت المعارضة تتلقى ضربات قاسية في جبهة ريف اللاذقية وتستعد لخسارة جبهة الساحل، أخذ التوتر بين حركة أحرار الشام و"جبهة النصرة" يبلغ ذروته في شهر كانون الثاني/ يناير عام 2016 في منطقة سلقين - ريف ادلب الشمالي الغربي، ووصل إلى حد استنفار متبادل بين عناصر الطرفين، واشتباك أدت إلى وقوع خمسة قتلى و18 جريحاً، وبقي الخلاف مستمراً بين الطرفين، خصوصاً أن باطنه لا يقتصر على إشكال فردي، بل يرتبط بهوية كلّ فصيل ومشروعه في سوريا.

تجدد الاقتتال بين أحرار الشام وجبهة النصرة

في شهر تموز/ يوليو من العام 2017 اتخذ القتال بين "هيئة تحرير الشام" التي تضم فصائل بينها "فتح الشام" (جبهة النصرة سابقا) من جهة و"حركة أحرار الشام" من جهة ثانية منحى غير مسبوق في العلاقة المتوترة التي لطالما سادت بين الفصيلين المعارضين، بخاصة بعد دخول السلاح الثقيل على خط المواجهات واتساع رقعة الاشتباكات لتشمل معظم مدن وقرى محافظة إدلب وصولاً لاستنفار عام في كل مناطق الشمال السوري، حيث توجد فصائل المعارضة. وأسفر القتال بينهما في هذه المرة عن وقوع ثمانية قتلى وإصابة أكثر من 24 شخصاً.

تصادم "حركة نور الدين الزنكي" و"جبهة النصرة"

يعود تاريخ أول تصادم بين حركة "الزنكي" وجبهة النصرة إلى شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015، حين قامت مجموعات من ‫‏جبهة النصرة في هجوم على حواجز ‫‏حركة نور الدين الزنكي في ‫‏الأبزمو و‏معارة الأرتيق في ريف حلب، تبعه هجوم بسيارة مفخخة في مقر للحركة في دير جمال بريف حلب أيضا، وسيارة أخرى في نقاط رباط الحركة على جبهة ‫‏داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) بالتزامن مع قصف الطيران الروسي لقرى الريف الغربي لمدينة ‫‏حلب".

وفي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2017 هاجمت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) حركة نور الدين الزنكي في ريفي حلب وإدلب واعتقلت عدداً من عناصرها، وبعد الهجوم مباشرة انضمت حركة الزنكي إلى تحالف عسكري في إدلب يضم الزنكي وحركة أحرار الشام وجيش الأحرار، لمواجهة النصرة.

وعاد الاقتتال مجددا مع نهاية العام 2018 ودخول العام 2019 بين تحرير الشام وبين حركة الزنكي، إذ هاجمت تحرير الشام (جبهة النصرة) مواقع تسيطر عليها حركة الزنكي التي هي حاليا منضمة (للجبهة الوطنية للتحرير) في غرب حلب، فسيطرت على دارة عزة، وحرمت المعارضة من معبر بري مهم (معبر دارة عزة).

جيش المجاهدين يتصادم مع تحرير الشام (جبهة النصرة)  

وكانت جبهة النصرة قد تمكنت في شهر كانون الثاني/ يناير من العام 2017 من دخول المركز الأساسي لـ "جيش المجاهدين" في بلدة الحلزونة في ريف حلب الغربي والسيطرة عليه وعلى مستودعات الأسلحة في المنطقة بعد اشتباكات استمرت لـ 24 ساعة فقط، سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى بينهم مدنيون، وتم تسجيل صوتي للمسؤول العام لـ "حركة أحرار الشام" يعلن فيه "النفير العام" ضد جبهة النصرة.

توتر واشتباك بين الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد

وعلى خلفية تسليم الجبهة الشامية معبر باب السلامة على الحدود التركية للحكومة السورية الموقتة في الشهر العاشر من العام 2017، نتج توتر بين الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد، على أساس أن الأمر اعتبرته  فرقة السلطان مراد تهديدًا لمصالحها وفقا لبيان صادر من "الشامية"، وبالتالي شهدت منطقة الحمران في ريف حلب توترا واشتباكات بين الفصيلين المنضويين في غرفة عمليات "درع الفرات"، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى من الطرفين، وسط تبادل الاتهامات حول الطرف الذي بدأ بالتصعيد.

فصائل مدعومة أميركياً تقاتل بعضها البعض في شمال سوريا

في آذار، مارس من العام 2016 بدأت الاشتباكات والتصعيد بين فصائل مدعومة ومحسوبة على الولايات المتحدة.. فقد تمكنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من البنتاغون من دحر فرسان الحق المدعومة والمدربة من قبل "سي آي آي" في بلدة مارع بريف حلب الشمالي.. وسقط خلال الاشتباكات ستة قتلى و13 جريحاً.

 

ويقول الباحث بمركز الربيع العربي للدراسات الاستراتيجية والتخطيط علي بدران لـ "أنا برس": إن فصائل "الثورة" لم تتقاتل إطلاقاً ولم يجري بينهم أي قتال؛ فالاقتتال الحادث بالحقيقة هو "بين فصائل المخابرات السورية المتطرفة والتي زرعها النظام والمخابرات الدولية وبين الجيش السوري الحر المحارب للإرهاب"، على حد قوله.

ويوضح أن "النظام هو الخاسر الأكبر في حال انتصار الجيش الحر، وهو الرابح الوحيد في حال انتصر على الثورة السورية"، مشيراً إلى أن "لعبة علي مملوك  (مدير مكتب الأمن الوطني) وصلت للنهاية، فلا "إرهاب" الـ " ب ك ك " الذي صنعه انتصر، ولا "إرهاب" القاعدة الذي صنعه ودربه انتصر، على حد تعبيره.

النظام مستفيد

فيما يرى رئيس الأمانة العامة لإعلان دمشق المعارض السوري عضو الائتلاف السابق سمير نشار، أن "الاقتتال بين الفصائل ليس جديداً، لكن نأمل هذه المرة أن يكون حاسما لننتهي من هذه المأساة التي تسببت بها الفصائل للثورة السورية وساهمت إلى وصولها إلى ما وصلت اليه للأسف"، وذلك في الوقت الذي تقع فيه اشتباكات حالية بين الجبهة الوطنية للتحرير وهيئة تحرير الشام.

ويتابع، في تصريحات خاصة لـ "أنا برس": على رغم أن أغلب المتقاتلين من الفصائل هم من المعارضين لنظام بشار الأسد وقاتلوه في مراحل مختلفة سابقة، وأغلبهم سوريين على الرغم من وجود بعض الأغراب بينهم، وهم إرهابيون، وبغض النظر عن تصنيفهم والاتهامات التي يكيلونها لبعضهم وأغلبها صحيح، فإن نتائج هذا القتال ستكون كالتالي: خدمة وتحقيق أهداف النظام السوري وداعميه إيران وروسيا والدول الصديقة والشقيقة.. وطبعا جميع الضحايا من السوريين المعارضين، وتدمير المتبقي وهو ضئيل جدا من مصداقية الفصائل والتي ساهمت الى حد كبير بتدمير الثورة السورية العظيمة، على حد قوله.

أسباب

كما يقول الباحث في شؤون الجماعات الجهادية بمركز الشرق للسياسات سعد الشارع: إن "أسباب الخلاف والتصادم العسكري الذي يحدث بين الفصائل دائماً ما تكون السعي وراء السيطرة والنفوذ؛ فهذه الأسباب المباشرة والأساسية، ولكن لديها روافع وهي أن معظم الفصائل لديها دعم من جهات دولية وإقليمية معينة".

ويتابع: "وتأكيداً على ما اقول ما يحدث حاليا بين حركة الزنكي وتحرير الشام من اشتباكات، فحركة الزنكي تتبع حاليا للجبهة الوطنية للتحرير والتي تضم فيلق الشام وحركة أحرار الشام وصقور الشام وغيرها من الفصائل.. ومعظم هذه الفصائل كانت في جولات ومعارك ضد جبهة النصرة".

ولا يعتقد الشارع بأن يكون هناك أي قرار في هذه المرحلة بإنهاء وتصفية تحرير الشام (جبهة النصرة) سواء من قبل تركيا أو حتى من قبل بعض الفصائل الموجودة في الشمال السوري، وذلك يمكن لحاجة عسكرية مستجدة قادمة، على حد قوله.

فقدان البرنامج الوطني

ومن جهة أخرى فند عضو الائتلاف السابق المحلل السياسي زكريا صقال أسباب التنازع بين الفصائل المسلحة، موضحًا أن "السبب الأول هو فقدان برنامج وطني يعي طبيعة الصراع وأسبابه ويشكل مظلة ومؤسسات تقود الشعب بخطاب متزن دون مغامرة وقادر على سيادة القرار واستقلاليته". أما السبب الثاني -برأي صقال- هو تنطح أفراد غير مؤهلين للعمل العسكري مباشرة،  وارتباطهم بأموال وسياسة الخارج مما شكل أمراء حرب.. وعن السبب الثالث هو تصدر الإسلام السياسي الواجهة وهو إسلام حاولت كل قوى العالم أن تحقنه وتدربه كي يكون الأداة المناسبة للتدخل لإعادة ترتيب المنطقة.

ولذلك يعتقد صقال بأنه من المهام الملحة هو إخراج الإسلام السياسي من دائرة السياسة وركنه كحق ومعتقد شخصي.. حيث كانت هناك قوى من الخارج دعمت بعض الفصائل مثل جيش الإسلام بالغوطة من السعودية، والأحرار والنصرة من قطر وتركيا، على حد قوله.

ويظل النظام السوري -باعتباره الطرف الأول في النزاع الراهن- مستفيداً من تلك المواجهات والاشتباكات التي تدور من آن لآخر بين آخر من تبقى من قوى وفصائل "الثورة" السورية.