المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

هكذا تُكتب الدساتير.. وهذا هو مصير "الدستور السوري" المقدم من موسكو.. (تحقيق)

 
   
10:00

http://anapress.net/a/11536834646886
852
مشاهدة


هكذا تُكتب الدساتير.. وهذا هو مصير "الدستور السوري" المقدم من موسكو.. (تحقيق)

حجم الخط:

جدلٌ واسعٌ أحدثه مشروع "الدستور السوري" الذي تمت صياغته في موسكو، وسط استنكار واسع لتدخل طرف خارجي لفرض إرادته وإملاءاته على الشعب السوري. وسط تساؤلات حول مدى شرعية ذلك الدستور حال وجد طريقه لأن يكون ساريًا تحت أي ظرف حتى حال إجراء استفتاء شعبي عليه، وكذا تساؤلات بشأن المرجعيات التي يمكن العودة إليها حال الحاجة إلى تفسير مواد دستورية تحتاج إلى تفسير.

 تخوفات من تكرار موسكو لتجربة "دستور بول بريمر في العراق" من خلال فرض مسودتها.. والخارجية الروسية:  لا نحاول فرض قرار خاص

ومن بين التساؤلات التي تثير لغطًا واسعًا بالأوساط السورية: هل تسعى موسكو لفرض مسودة الدستور الذي تقدمت به؟ هل تتكرر تجربة وضع دستور "بول بريمير" في العراق مرة أخرى في سوريا على يد الروس؟

اللغط السياسي الذي أحدثه الإعلام عن مشروع دستور سوري أصيغ في موسكو صاحبه جدل قانوني واسع، يحسمه رأي فقهاء القانون الذين يرون أن الدستور هو الميثاق الذي يوضح شكل الدولة وقواعدها الأساسية والعلاقة بين السلطات وكذا الحقوق والواجبات المتبادلة، بما يعني أن سريان أي دستور لا يُعد شرعيًا إلا من خلال توافق الشعب نفسه على ذلك الدستور.

وقبل التعرض للآراء الدستورية بصورة تفصيلية، فإطلالة سريعة على الدساتير التي وضعت خلال السنوات الماضية لم يكن من بين واضعيها قوة أو أطراف خارجية، إلا في حالات "الاحتلال" إذ ظهرت بعض الحالات في بعض الدول التي لجأ فيها المستعمر لتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد للبلاد من أجل إنهاء الاحتلال، بينما لم تظهر أية سوابق دستورية أخرى لأن تفرض دولة ما دستورًا على شعب دولة أخرى.

ذلك ما تؤكده دراسة قام بها فريق بحثي بجامعة برينستون بالولايات المتحدة الأمريكية على عدد 200 دستور في دول العالم المختلفة في الفترة ما بين العام 1975 وحتى العام 2003، أبرز الأسس المتبعة في صياغة الدساتير حول العالم، وكذا المفاضلة بين تلك الأسس.

ومن بين طرق وأدوات وضع الدستور وفق الدراسة (أن يقوم البرلمان المنتخب من الشعب بوضع الدستور الجديد، أو أن تضع الدستور جمعية تأسيسية منتخبة من الشعب ، أو أن تضع الحكومة الدستور باعتبارها السلطة التنفيذية أو لجنة تشكلها بمعرفتها، أو أن تضع الدستور لجنة يتم وضعها بواسطة المستعمر لإنهاء الاحتلال -حال الدول المُحتلة- أو أن تضع الدستور السلطة التشريعية الموجود في الفترة الانتقالية، أو أن يضعه مؤتمرًا وطنيًا يضم الأطراف المسؤولة، أو مائدة مستديرة).

موضوع ذا صلة

وارتكزت تلك الدراسة على كون "الحوار المجتمعي" وكذا "المفاوضات" هما حجر الزاوية لوضع أي دستور، خاصة في الدول التي تتجه نحو التحول من نظام ديكتاتوري أو تتخلص من الطغمة العسكرية إلى الأنظمة الديمقراطية. بينما حذرت تلك الدراسة من مغبة الإشكاليات التي يفرضها كتابة البرلمان للدستور.

وأشارت الدراسة إلى أن الدول في فترات التحول من نظام الحزب الواحد لنظام التعددية السياسة والديمقراطية عادة ما يجب أن تكتب دساتيرها من خلال الحوار المجتمعي بين الأحزاب والقوى الموجودة على الساحة السياسية عبر دائرة المفاوضات، وذلك عبر عدد من الآليات المتاحة في ذلك، من بينها اجتماع الأحزاب والقوى السياسية لوضع دستور عام للبلد يطرح على الشعب في استفتاء عام، أو أن تنتخب تلك القوى السياسية والأطراف ذات الصلة  مفوضين لتشكيل لجنة تأسيسية تضم شخصيات ثقافية وممثلين عن فئات المجتمع لكتابة الدستور ثم طرحه للاستفتاء العام، أو أن يتم تحديد مبادئ فوق دستورية قبل اختيار أي جهة أو لجنة لوضع الدستور يتم الاعتماد على تلك المبادئ. وكشفت الدراسة عن أن نسبة 75% من الدساتير التي تم التعرض إليها استخدمت آلية وضع القوى السياسية والأحزاب مبادئ فوق دستورية تم بناء عليها انتخاب لجنة أو كيان لكتابة الدستور.

 فقيه دستوري لـ "أنا برس": الدستور يكتسب شرعيته من موافقة الشعب.. ومسودة موسكو لا مقترح يمكن الأخذ به كله أو ببعضه أو رفضه كلية

يقول الفقيه الدستوري وأستاذ القانون الدولي الدكتور حازم عتلم في تصريحات خاصة لـ "أنا برس" إنه ليست هنالك أية سوابق تاريخية في صياغة الدساتير حول العالم كان واضع الدستور فيها هي قوة أو دولة أجنبية دون أن يكون هناك اتفاق داخلي عليه وإقرار من قبل الشعب. مؤكدًا على أن روسيا لا تستطيع بأي حال من الأحوال فرض الدستور الذي تمت صياغته في موسكو على الأطراف السورية.

وأوضح أن ما يمكن لروسيا أن تقدمه هو مشروع دستور استرشادي يمكن أن تأخذ به الأطراف السورية أو لا تأخذ أو حتى تسترشد به وتأخذ جزءًا منه أو بعض المواد، لكنها لا تقدم مشروع الدستور أو تفرضه على الشعب ليكون بذلك مشروعًا روسيًا، فالدستور الذي يقر في أي دولة لابد أن يكون نتاج جهد واتفاق من الأطراف الداخلية وليس مفروضًا من الخارج. ومن ثمّ فإن المشروع الروسي هو مجرد رؤية استرشادية (مقترح) لن تطبق إلا بتوافق الشعب السوري.

ويذكر الفقيه الدستوري –في معرض تصريحاته لـ "أنا برس" من القاهرة إن المسار السليم للمشروع الروسي أن يتم عرضه على لجنة تأسيسية خاصة (أو تحت أي اسم وفق ما يتم الاتفاق عليه في سوريا) تضافر تلك اللجنة وتتشكل من ممثلين عن مختلف فئات وأطراف المجتمع وفق حجم التمثيل بالاستعانة بالإحصائيات الخاصة في ذلك الصدد، تكون مهمتها الرئيسية هي وضع دستور لسوريا، وليس (إقرار الدستور الروسي) إذ يعتبر الدستوري الروسي في تلك الحالة هو رؤية يمكن الأخذ بها، وتفرز تلك اللجنة –عقب سلسلة المناقشات حول مواد الدستور وبنوده- مشروع دستور جديد بالتوافق، يتم عرضه بعد ذلك للاستفتاء العام، ويحصل على صفة الشرعية ويكون ساريًا حال موافقة الشعب السوري عليه.

ويعتقد بأن الدستور في هذا السياق يكون دستورًا سوريًا وضعه السوريون وتوافقوا عليه، وقد حصل على الشرعية من خلال مناقشات اللجنة التأسيسية التي يمكن العودة إليها والاستدلال بها في تفسير مواد الدستور والمرجعيات التي تم الاعتماد عليه وكذا التصويت الشعبي الممثل في الاستفتاء العام. مؤكدًا أن الشعوب من تضع دساتيرها ولا يمكن تحت أي صفة أن تضع دولة لشعب آخر دستوره، فالكلمة النهائية للشعب، والدستور المقدم من روسيا لا ينظر إليه سوى باعتباره مقترح يؤخذ كله أو بعضه أو لا يؤخذ أبدًا، القرار في النهاية للشعب السوري.

ويبدي السوريون تخوفهم من سعي موسكو لفرض مسودة القانون التي اقترحتها على الشعب السوري، بما يُكرر تجربة بول بريمر (الحاكم الأمريكي السابق في العراق). ووضع "بريمر" دستورًا للعراق عقب سيطرة قوات الاحتلال على العراق وعلى العاصمة بغداد، كرس ذلك الدستور تقاسم السلطة في العراق على أسس مذهبية وعرقية.

يقول الفقيه الدستوري والقانوني أستاذ فلسفة القانون بمصر الدكتور محمد نور فرحات في تصريحات خاصة لـ "أنا برس" من القاهرة إن الدستور يعتبر وثيقة تعاقدية بين الشعب والسلطة والمجتمع بأكمله، تتحدد بناءً عليها نظام الحكم والحقوق والواجبات المتبادلة وكذا العلاقة بين السلطات وحدود مسؤولياتها واختصاصاتها بصفة عامة، وبالتالي لا يمكن صياغته تحت أي ظرف إلا بإرادة الشعب نفسه.

وينوه إنه لا يمكن التسليم بدستور وضع بإملاءات خارجية من قبل أي دولة، وعلى السوريين وضع دستورهم بأنفسهم لأنه وثيقة تعاقدية لا يجب أن تتدخل فيها أطراف خارجية تضع إملاءات خاصة في مواد الدستور.

وحاولت موسكو طمأنة السوريين في ذلك الصدد، وخرجت ماريا زاخاروفا (الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية) لتؤكد على كون روسيا لا تسعى أبدًا إلى فرض مسودة الدستور الذي قدمته. وأشارت إلى أن موسكو لا تهدف لتكرار تجربة دستور بريمر في العراق. وشددت على أن "روسيا لا تحاول فرض شروط للتسوية أو قانون أساسي جديد على السوريين". وأردفت: ننطلق من أن الشعب السوري يجب أن يحدد مستقبل سوريا بنفسه. ونبذل كل ما في وسعنا لتطبيق هذا الموقف، لأن السوريين وحدهم قادرون على الحفاظ على وطنهم كدولة موحدة ذات سيادة متعددة الإثنيات والطوائف".

 هناك مشروع لإعلان دستوري سوري ناقشته الهيئة العليا للمفاوضات في وقت سابق
 حسن عبد العظيم

وشددت الدبلوماسية الروسية على أنه لا أساس لقلق المعارضة السورية من المسودة التي أعدها خبراء روس وعرب، والتي قدمها الوفد الروسي إلى مفاوضات أستانا، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين. وذكّرت بأن الجانب الروسي أوضح مرارا أن الهدف من وراء خطوته هذه هو تحفيز الحوار السياسي السوري السوري في إطار تنفيذ القرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وأعادت إلى الأذهان أن هذا القرار ينص على ضرورة وضع دستور جديد لسوريا. واستطردت، قائلة: "إننا لا نحاول فرض قرار خاص بنا، إنما ندعو الأطراف السورية إلى الشروع في العمل الصعب لإعداد هذا القانون الأساسي".

حتى أن الدبلوماسية الروسية قد نفت أن تكون بنود المسودة الروسية "اقتراحات"، موضحة أن الحديث يدور عن قائمة أسئلة تطرحها روسيا على السوريين لكي يجدوا أجوبتهم عن هذه الأسئلة بأنفسهم.

وإلى ذلك، يقول المنسق العام لهية التنسيق المحامي حسن عبد العظيم إن الدستور السوري يضعه الشعب السوري، ولا يمكن القبول بدستور ليس من مخرجات السوريين أنفسهم. مشددًا على كون وفد المعارضة السورية الذي شارك في اجتماع يوم الجمعة الماضي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ومساعديه قد أبلغ الجانب الروسي بذلك صراحة. وأفاد عبد العظيم في تصريحات لـ "أنا برس" بأن الدستور السوري سوف يضعه السوريون بأنفسهم خلال المرحلة الانتقالية مع تطبيق المسار السياسي للأزمة، وأن ما الدستور الروسي هو استباق للتطورات والأحداث.

ويشير إلى أن هنالك مشروعات للإعلان الدستوري صاغها السوريون أنفسهم، من بينها مشروع إعلان دستوري خاص من قبل هيئة التنسيق تم عرضه على الهيئة العليا للمفاوضات ومناقشته في وقت سابق، كل تلك الرؤى والمشروعات حاضرة وموجودة.