تعرف على أسباب تزويد موسكو لأنقرة بمنظومة أس 400

زيارة مفاجئة ولم تكن مقررة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو في الثالث والرابع من شهر مايو/ أيار المقبل، لبحث الأوضاع المستجدة في المنطقة وعلى رأسها الملف السوري، وبالتزامن مع هذه الزيارة أعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، أن موسكو وأنقرة بلغتا المرحلة النهائية من مفاوضات في شأن تزويد الجيش التركي منظومات "أس-400"

لماذا تقوم موسكو بتزويد أنقرة بمنظومة اس 400 وتركيا هي عضو في حلف الناتو؟ هل لهذا الاتفاق تداعيات على الملف السوري؟ إلى أي مدى يمكن لأنقرة أن تستغل التقارب الروسي لتسوية الملف السوري؟ أسئلة عديدة تدور في الأفق إزاء تلك الزيارة.

يقول المحلل السياسي حسام نجار لـ "أنا برس": إن صح هذا الاتفاق بين الطرفين فينطبق على تركيا المثل التالي كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ فتركيا  من خلال سنوات الثورة السورية وقبلها بفترة قصيرة أصبحت في عين الحدث فهي بالأصل عضو في حلف الناتو لكنها لم تستفيد منه على الاطلاق وتواجه تحديات كبيرة جداً رافضة لدخولها في الاتحاد الأوروبي.

ويتساءل النجار "ما هي فائدة تركيا من تواجدها بحلف الناتو إن لم يكن يشكل لها داعماً وحامياً ووسيلة للتوازي والتساوي مع أوروبا هل ستبقى العنصر الضعيف في هذا التحالف، يجبعليها أن تنهض وتجد لنفسها الطريق"".

ويشير إلى أن الجميع يعلم أن الحلف سحب بطاريات باتريوت من الحدود التركية السورية ولم يقف مع تركيا عند تعرضها للقصف السوري في بعض المرات وكذلك لم تدعمها ضد المواقف الروسية هذا ما دفع تركيا لاستنتاج مفاده أن حلف الناتو يستخدمها وسيلة لتخويف وترهيب روسيا فقط ولا يعطيها أدنى أهمية.

فقامت بناء على ذلك كما يرى النجار بتحالفات عديدة وغيرت سياستها و لاحظنا هذا التغير بالاتفاقات المتعددة والتحالفات الكثيرة سواء مع روسيا أو السعودية أو غيرها وبعد الاستفتاء الرئاسي وجدنا الكثير من الدول الأوروبية تناكف تركيا وتعترض على نهجها وسياستها وترفضها بالكلية وتمنع دخولها في الاتحاد الأوربي.

ويتابع النجار: لكي تثبت تركيا أن خيارتها متنوعة وأنها ليست عاجزة عن الدخول في توافقات وتحالفات خارج الناتو كان لا بد من تعزيز التعاون مع الطرف النقيض للناتو ألا وهو روسيا، هذا التحالف يستلزم أمور ونقاط كثيرة أهمها الجانب العسكري.

ويعتقد النجار بأنه لاحقاً سيتم توقف امريكا عن استخدام قاعدة انجر ليك التركية لأنها أنشأت لها بديلاً في سوريا، مما دفع الأتراك والروس من خلال توافق على المصالح أن يتم بحث تزويد تركيا بمنظومة s 400 الصاروخية. موضحًا أن تركيا كان لديها المرونة الكافية لاستغلال هذا الوضع، عليها أن تقوم بالتفاهم مع الروس على إنهاء حكم الاسد لما فيه مصلحة للطرفين فلا يمكن لتركيا أن تكون حليفاً لروسيا وبجوارها من تناصبه العداء

ويختم النجار حديثه، بالمجمل هذا الأمر عبارة عن توازنات ترغب بها تركيا كي تكون لاعباً أساسياً بالمنطقة وكي لايتم تشكيل ضغط عليها من دول الاتحاد الاوروبي وتركها في مهب الريح كذلك عند وجود حليف كتركيا لروسيا يعتبر قوي فإنها من مصلحتها التوافق معه على رحيل الأسد وعدم ترك سوريا في خضم اللعبة الدولية

السياسة التركية

وبدوره، يقول الكاتب والصحفي السوري أحمد مظهر سعدو لـ "أنا برس": السياسة التركية ومنذ ما سمي بالاستدارة التركية، جاءت وفق مصالح براغماتية واضحة المعالم، لكنها أبدًا لا يمكن أن تضر بالوضع السوري وثورة الشعب السوري، ولمحض الصدفة أو الدور التاريخي التركي والسوري في المنطقة، فان المصالح بين الشعبين التركي والسوري هي متقاطعة ومتلاقية في مسارات معقولة

ويشير سعدو إلى أن تمدد العلاقات التركية الروسية، وبعد سياسات جديدة للإدارة الأميركي، كان لابد من إعادة رسم السياسات وفق أجندات جديدة، لكنها لا تعاكس السابقة، وأن العلاقات التركية مع روسيا لن تكون بأي حال من الأحوال، مقلقة للأمريكان، بل ستكون جسر تواصل بينهما

ويستبعد سعدو حصول تركيا على سلاح روسي، وهي ليست بحاجته أصلًا، وليس هناك من عوائق بحصولها على أسلحة أميركية، فالعلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، ليست سيئة، بل تتحسن باستمرار

كما أنه لا تغيير جذري كما يرى سعدو بقواعد اللعبة في الساحة السورية، ويجزم أن الروس ليس من مصلحتهم إقلاق الأمريكان، وهم يعرفون حجمهم الحقيقي. صحيح أن لهم مصالح في المنطقة، لكنهم يتحركون باتجاه مصالحهم، دون إزعاج الأميركي أو سواه. خاصة أنهم ينسقون مع الإسرائيليين في كل طلعاتهم الجوية وغير الجوية والكل يدرك مدى الراحة الأميركية لمثل هذا التنسيق، إذ إن أمن إسرائيل أميركيًا، ومهما تغيرت الإدارات هو الأول والآخر.