المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

محصول الزيتون في إدلب.. بين حكومة الأسد جواً والإنقاذ براً

 
   
10:37

http://anapress.net/a/281347363607822
602
مشاهدة


محصول الزيتون في إدلب.. بين حكومة الأسد جواً والإنقاذ براً
أرشيفية

حجم الخط:

تشتهر محافظة إدلب بالمساحات الواسعة من أشجار الزيتون، خاصة في الريف الجنوبي الذي يحتوي على أراض واسعة من حقول الزيتون، والتي تمتد لمئات الدونمات، وفي كل عام في هذه الفترة، تنشط حركة المزارعين لجني محاصيلهم وعصرها لاستخراج الزيت.

المغامرة تحت وطأة القصف

يعاني أهالي ريف إدلب الجنوبي، صعوبات كبيرة من أجل قطاف الزيتون؛ بسبب قصف قوات النظام وحليفه الروسي بشكل يومي على مدن وبلدات ريف ادلب الجنوبي منذ أكثر من خمسة أشهر. وعلقت حقول الزيتون جنوبي إدلب، وسط نيران القصف وويلات النزوح خلال أشهر الحملة العسكرية، ورغم إعلان وقف إطلاق النار قبل نحو شهرين فإن خروقاته المتكررة حرمت الفلاحين من جني محصولهم المنتظر كل عام، طبقاً لما رصده مراسل "أنا برس" الذي نتحفظ على ذكر اسمه لدواعٍ أمنية.

ما إن نصل إلى أشجار الزيتون حتى تبدأ القذائف والصواريخ تنهال علينا كحبات الزيتون التي نقوم بقطافها
 عبدالله محمد

عبد الله محمد، أحد مالكي حقول الزيتون في بلدة معرة حرمة جنوبي إدلب قال لـ أنا برس: "يعتبر موسم الزيتون أحد أهم مصادر الدخل لدى سكان محافظة إدلب وبالأخص جنوبها، لكن الحملة العسكرية الأخيرة على إدلب أدت إلى خسائر واسعة في حقول الزيتون أو في عملية القطاف".

ويضيف:: "ما إن نصل إلى أشجار الزيتون حتى تبدأ القذائف والصواريخ تنهال علينا كحبات الزيتون التي نقوم بقطافها؛ فطائرات الاستطلاع لا تغادر الأجواء وما إن ترصد أي عنصر بشري حتى تقوم باستهدافه بعشرات القذائف المدفعية والهاون، ناهيك عن الطائرات الحربية الروسية والمروحيات السورية".

ويستطرد: "للوصول إلى حقولنا نحتاج إلى عملية رصد لطائرات الاستطلاع، فما إن تغادر المنطقة حتى نتوجه وبشكل سريع إلى الحقل وأحياناً نضطر للتوقف في منتصف الطريق حين تعود من جديد ويكون وقت تحركنا قبل الفجر (..) أما العائق الأكبر فهو التحرك بين الأشجار على اعتبار وجود طائرات الاستطلاع بشكل مكثف في أجواء المنطقة فعلينا الاختباء بين الأشجار ما إن تمر وننتقل إلى الشجرة الأخرى ما إن تذهب (..) نحن نغامر بأرواحنا لكي نحصل على رزقنا".

"اليوم استشهد طفلان نتيجة القصف الجوي من الطائرات الروسية بعد استهدافهم هم وعائلتهم اثناء قطافهم لثمار الزيتون في بلدة معرة حرمة جنوبي إدلب"، يقول عبدلله.

واستهدف الطيران الحربي الروسي، أمس الخميس، بعدة غارات متتالية قرية معرة حرمة جنوبي إدلب، مستهدفاً عوائل تقوم بجني محصول الزيتون، تلا ذلك إلقاء طيران النظام المروحي عدة براميل على الموقع المستهدف.

 فيما تعمل طائرات الاستطلاع الروسية برصد أي حركة للمدنيين في المنطقة، لاسيما المدنيين الذين يقومون بقطف محصول الزيتون، لتقوم الطائرات والمدفعية باستهدافهم بشكل فوري، طبقاً لما رصده مراسل "أنا برس".

مخلفات القصف

تعد القذائف غير المنفجرة والقنابل العنقودية التي تنتشر في معظم الأراضي الزراعية بريف إدلب الجنوبي، هي خطر آخر على المزارعين، لاسيما بعد حملة التصعيد العسكري الأخيرة من قبل قوات النظام وحليفه الروسي، والتي خلفت عدداً هائلاً من القنابل العنقودية غير المنفجرة بين أشجار الزيتون.

يقول عبد الله: " نعاني أيضا من كثرة القنابل العنقودية الموجودة بين الأراضي، وهذا بسبب غزارة القصف الذي يصيب المنطقة والتي تحمل القنابل العنقودية، فممكن أن نصاب أو نموت ضمن القطاف دون انتباهنا لوجود القذيفة تحت أقدامنا؛ فـترانا منشغلين بين ترصد الطائرات والقذائف المتوجهة نحونا، وبين القذائف العالقة بين أقدامنا، الخوف يسيطر علينا جواً وبراً ونحن فقط (نقطف الزيتون)".

حلول بديلة

تسببت الحملة العسكرية على ريف إدلب الجنوبي بنزوح آلاف العائلات إلى قرى وبلدات الشمال السوري، لكن بعض المزارعين لم يستطيعوا ترك حقولهم دون قطاف وخاصة أن محصولهم يشكل مدخل رزق أساسي لهم فاضطروا إلى استخدام الحلول البديلة.

محمد سمعان، من قرية كفرومة جنوبي إدلب، قال في حديثه لـ "أنا برس": "كان علي الاختيار بين ثلاثة حلول؛ إما أن أذهب أنا وعائلتي لقطاف الزيتون وأعرضهم لخطر القصف، أو أترك الثمار على الأشجار، أو تسليم المحصول عن طريق الضمان مقابل مبلغ مالي يقدر من قبل الطرفين".

تسببت الحملة العسكرية على ريف إدلب الجنوبي بنزوح آلاف العائلات إلى قرى وبلدات الشمال السوري
 أنا برس

وأضاف سمعان: "نزحت بصحبة عائلتي من بلدتي كفرومة منذ أكثر من 5 أشهر، وأنا الآن مقيم ضمن مخيمات أطمه على الحدود التركية، فالذهاب إلى حقل الزيتون سيضطرنني إلى الإقامة في منزلي شبه المهدم تحت القصف رفقة عائلتي حتى انتهي من عملية القطاف وعصر الزيتون، فكان الحل الأقل خسارة هو الضمان؛ 120 شجرة قمت بتضمنيها بمبلغ مقداره 400 ألف ليرة سورية (500$)، يعتبر مبلغاً زهيداً مقابل محصولي، ولكن يبقى أفضل من خسارة أحد أبنائي تحت القصف أو أتركه دون قطاف".

بينما قرر السبعيني أبو سراج، من بلدة كفرومة جنوبي ادلب، تسليم محصوله لجاره مقابل نصف المحصول. ويقول أبو سراج لـ "أنا برس": "أولادي الشبان يقيمان في تركيا، ولا يوجد أحد من أقاربي قادر على جني المحصول الخاص بي، وأنا لم يعد بوسعي العمل بعد أن تجاوزت السبعين من عمري؛ فقررت أن أتقاسم محصولي مع أحد الجوار مقابل أن يقوم بعملية القطف والعصر لمحصولي والذي لا يتجاوز الـ 40 شجرة زيتون".

ثمار دون قطاف

يعد ترك ثمرة الزيتون دون قطاف أثراً سلبياً على المحصول في المواسم القادمة من حيث الكمية والنوعية إضافة الى إعاقة نمو الشجرة وحملها، ذلك بسبب تعفن الثمار مع مرور الوقت وجذبها للكثير من الحشرات والأمراض الفطرية.. أكثر المزارعين جنوبي إدلب، لم يتمكنوا من قطف محاصيلهم بسبب خطورة المنطقة التي توجد فيها حقولهم، وبالأخص عندما تكون على خط التماس المباشر مع قوات النظام.

تقع أرض "أبو سامر" في قرية الشيخ مصطفى جنوبي إدلب، في منطقة مكشوفة بشكلٍ مباشر على قوات النظام وهذا ما جعل جني المحصول أمراً مستحيلاً، بسبب استهداف المنطقة بالقذائف المدفعية بشكل مستمر.

يسرد "أبو سامر" قصته لـ "أنا برس" قائلاً: "يقع حقلي الزيتون في أرض مكشوفة بشكل مباشر على قوات النظام والتي تعتبر كـخط تماس".

ويضيف أبو سامر: "هي المرة الأولى منذ سنوات خلت لم أجمع فيها محصول أرضي من ثمار الزيتون أو الرمان، والتي كانت مصدر رزقي الوحيد على اعتبار حجمها الكبير الذي يفوق الخمسة دونمات".

بينما تقع أرض "أبو طلال" في منطقة قد سيطر النظام عليها مؤخراً بعد الهجمة العسكرية الأخيرة على أرياف ادلب وحماه. ويقول أبو طلال لـ "أنا برس": "بعد أن سيطرت قوات النظام ومرتزقته على بلدة الهبيط جنوبي إدلب، لم أعد قادراً على جني محصولي من الزيتون أو الرمان، وقد بثت عناصر قوات النظام مقطعاً مصوراً لهم شاهدته بنفسي من حقلي وهم يكسرون الأشجار بغية التخريب ومنهم من يقوم بعملية القطاف بغرض السرقة".

الأسد جواً والإنقاذ براً

أصدرت حكومة الإنقاذ (الجناح السياسي والمدني لهيئة تحرير الشام) في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول من العام الجاري، تعميماً رسمياً، فرضت بموجبه الزكاة على محصول الزيتون في محافظة إدلب، ووجهته إلى كافة مديريات الأوقاف ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها في إدلب، تطلب فيها تذكير المسلمين في خطبة الجمعة، بوجوب زكاة الزيتون والزيت.

وتأخذ ما تسمى بـ "هيئة الزكاة العامة" التابعة لـلإنقاذ؛ زكاة محصول الزيتون من جميع المتقدمين إلى المعاصر وأسواق الهال، بنسبة تصل الى 5%، كما وطالبت أصحاب محاصيل الزيتون بتأدية الزكاة للهيئة حصراً، ويتضمن القرار، تأدية زكاة الزيتون حب أو زيت للهيئة العامة للزكاة من خلال الدوائر واللجان الفرعية التابعة لها.

حكومة النظام تقصفنا وتقتلنا وتسرق أرضنا ومنازلنا، وحكومة الإنقاذ تفرض الضرائب وتسرق محاصيلنا
 أبو أحمد من ريف إدلب الجنوبي

"أبو أحمد" من ريف إدلب الجنوبي يقول لـ "أنا برس": "لا فرق بين الحكومتين – حكومة الإنقاذ وحكومة النظام- كلاهما يحاربونا، حكومة النظام تقصفنا وتقتلنا وتسرق أرضنا ومنازلنا، وحكومة الإنقاذ تفرض الضرائب وتسرق محاصيلنا، فما الفرق بينهم؟".

ويضيف: "بينما معظمنا يموت وهو يقطف محصوله، وآخر تصيبه أمراض الخوف من أصوات القذائف والطائرات؛ تأتي حكومة الإنقاذ لتكمل علينا، فحين خروجنا من حقولنا التي باتت حقول ألغام نتجه لمعاصر الزيتون لعصر محصولنا، لنجد هيئة الزكاة التابعة للإنقاذ بانتظارنا لتسرق جهدنا وتعبنا بحجة الزكاة، وما إن رفضنا الدفع حتى جبهنا بأسلحتهم ورصاصهم الشبيه برصاص النظام".

ويفرض قرار الهيئة على التجار عدم شراء حب الزيتون أو زيت الزيتون إلا بعد التأكد من إخراج الزكاة وفق الإيصالات الرسمية المعتمدة لدى الهيئة العامة للزكاة مهددة بالمساءلة القضائية، كما تفرض على أصحاب محلات بيع الزيتون في الأسواق التعاون مع الهيئة العامة للزكاة وإخطارها بكشف عن جميع البيوع التي تتم في أسواق المال أو غيرها بشكل مباشر.

يذكر أن مدينة كفر تخاريم، قد شهدت توترًا عقب خروج مظاهرات من الأهالي ضد "لجان جمع الزكاة"، التي كانت تحاول جمع الزكاة من معاصر الزيتون، وطُردت خارج المدينة، ما تسبب بحصار الهيئة للمدينة وقتل 3 مدنيين وجرح العشرات عقب قصفها للمدينة بالمدفعية وقذائف الدبابات؛ واجبرت الهيئة بعد اتفاق حصل لحل النزاع، أهالي المدينة بعودة لجان الزكاة الى المعاصر ودفع الأهالي لرسوم الزكاة كما من قبل.