http://anapress.net/a/180608731099979
لا شك أن وجود الأب أمر ضروري في حياة الطفل، فهو مصدر الشعور بالأمان والسند بالنسبة للأبناء الذي يسهم تواجده في حياتهم في تشكيل شخصيتهم وأفكارهم وكذلك اتجهاتهم في الحياة، وغياب الأب عن الأسرة لفترات طويلة في ظل أحوال كثير من المجتمعات العربية من أجل البحث عن فرص عمل أفضل وكذلك توفير حياة كريمة بات ظاهرة خطيرة وحساسة تهدد كيان الأسرة بأكمله وتخلف العديد من الآثار النفسية والاجتماعية السلبية على الأبناء، هذا ماكشفت عنه مجموعة من الأبحاث الحديثة، أن الأطفال الذين يعيشون بعيدا عن والديهم لفترات طويلة يكون معدل الذكاء لديهم أقل من الذين يعيشون مع أبويهم
وأشارت الدراسة التي أجريت في الصين على أدمغة مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 7 و13 سنة اضطر أولياء أمورهم تركهم مع ذويهم للسعي وراء فرص عمل أفضل، وكانت مدة الغياب أكثر من 6 شهور أثر ذلك على حجم المادة الرمادية في مخ الطفل، وهي العنصر الرئيسي في النظام العصبي المركزي بالدماغ وبالتالي يؤثر على مستوى الذكاء.
وأظهرت مؤلفة الدراسة يوان شياو، في جامعة سيتشوان، أن الأطفال اللذين يعيشون حياة سوية مع الأب والأم لديهم كميات أكبر من المادة الرمادية في مناطق متعددة في الدماغ، خاصة في الدوائر العاطفية مقارنة مع الأطفال الذين لا يعيشون مع والديهم.
من جانبها، ترى د. ليلى كرم الدين، أستاذ علم نفس الطفل في معهد الدراسات العليا للطفولة في جامعة عين شمس، أن غياب الأب من شأنه يحدث شرخاً كبيراً في جدار الأسرة، ويحدث العديد من الآثار النفسية على الأطفال والزوجة أيضاً، حيث أنه ينزع من الزوجة عنصرًا مهمًا في حياتهم الزوجية ويعرضها لنوع من الحرمان العاطفي والجنسي ومع الوقت تكتسب الزوجة بعض الصفات الذكورية لتحاول أن تعوض غياب الزوج، فتكون بالنسبة للأطفال الأم والأب معاً ما يفقدها في كثير من الأحيان بعض المشاعر الأنثوية كي تحافظ على حزمها تجاه أبنائها ولخوفها الشديد من أن يؤثر غياب الأب عنهم ويسبب إفسادهم .
أما بالنسبة للأبناء فتوضح كرم الدين أن الأب له دور مهم في تربية الأبناء وغيابه قد يحدث لهم ضرراً نفسياً كبيراً، مشيرة أن هذا التأثير النفسي يختلف تبعاً لعمر الطفل وتكوينه العقلي، ولكن لا شك أن غيابه يفقد الطفل النموذج الأبوي المطلوب خاصة أن هناك مراحل عديدة من النمو النفسي للولد أو البنت تحتاج إلى وجود هذا النموذج، وقد يسبب هذا الغياب في تعرض الطفل إلى العديد من المشكلات النفسية مثل العناد أو العنف أو الميل إلى السلوك العداوني وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، مضيفة أنه من ناحية أخرى يؤثر هذا الغياب بالسلب على قدرة الطفل على التحصيل الدراسي وبالتالي التأثير بالسلب على مستوى الذكاء وتراجع القدرات الإدراكية