المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

زكريا تامر.. شيخ القصة ومسامير في خشب التوابيت (بروفايل)

 
   
10:00

http://anapress.net/a/470567523032037
1586
مشاهدة



حجم الخط:

"زكريا تامر مسامير في خشب التوابيت".. قد يكون هذا الوصف الذي أطلقه الشاعر السوري إبراهيم الجرادي أحد أدق الأوصاف لذلك القاص السوري الذي حفر اسمه بارزًا في أرض القصة القصيرة ليس فقط في موطنه سوريا ولكن في العالم العربي ككل؛ إذ استطاع تامر أن يكون واحدًا من أبرز المجددين والمطورين للفن القصصي العربي والمثبتين لدعائم القصة السورية.

وُلِدَ زكريا تامر عام 1931 في دمشق التي تلقى فيها تعليمه الابتدائي، ترك الدراسة عام 1944 ليبدأ حياته بالعمل في الحدادة في أحد المعامل بالحي الذي يقطنه، كتب القصة القصيرة بداية من العام 1957، كما كتب المقالة القصيرة الانتقادية وقصص الأطفال. يقول عنه الأديب الألماني فولفنانغ فيريك:"أدب زكريا تامر هو محاربة الظلم والتخلف"، هكذا يمكن النظر إلى قصص وأعمال زكريا تامر التي انحاز فيها للعديد من القيم في مواجهة القبح المستشري، انحاز للمرأة في مواجهة الذكورية الشرقية، دافع عن العدل في مواجهة الظلم، وبأسلوب سلس وبسيط استطاع أن ينقل للقارئ أعقد الأفكار والمشاعر.

عمل في وزارة الثقافة ووزارة الإعلام في سوريا، ورئيساً لتحرير مجلة "الموقف الأدبي"، ومجلة "أسامة"، ومجلة "المعرفة". كما ساهم في تأسيس اتحاد الكتاب في سوريا أواخر عام 1969 وكان رئيسا للجنة سيناريوهات أفلام القطاع الخاص في مؤسسة السينما في سوريا.

شارك زكريا تامر في العديد من المؤتمرات والندوات، كما رأس لجنة التحكيم في المسابقة القصصية لجريدة تشرين السورية عام 1981، والمسابقة التي أجرتها جامعة اللاذقية عام 1979، وكان عضوا بلجنة المسابقة القصصية بمجلة التضامن بلندن.

أعماله

كتب زكريا تامر العديد من الأعمال القصصية، التي جعلته واحدًا من أعلامها البارزين حتى الوقت الراهن، ومن هذه الأعمال: "صهيل الجواد الأبيض"، "ربيع في الرماد"، "الرعد"، "دمشق الحرائق"، "النمور في اليوم العاشر"، "نداء نوح"، "سنضحك"، "الحصرم"، "تكسير ركب"، "القنفذ".

في مجال أدب الطفل، كتب زكريا تامر "لماذا سكت النهر"، "قالت الوردة للسنونو"، "37 قصة للأطفال". نال تامر عددًا من الجوائز مثل جائزة العويس للقصة عام 2002، ووسام الاستحقاق عام 2002، وجائزة ميتروبوليس الماجدي بن ظاهر للأدب العربي عام 2009، وجائزة ملتقى القاهرة الأول للقصة القصيرة عام 2009.

قدمت العديد من الأطروحات البحثية حول أعمال زكريا تامر القصصية، ومنها: العالم القصصي لزكريا تامر: وحدة البنية الذهنية والفنية في تمزقها المطلق، تأليف: عبد الرزاق عيد. جمالية القبح في القصة السورية المعاصرة: زكريا تامر أنموذجاً (أطروحة ماجستير)، إعداد: هناء علي إسماعيل، زكريا تامر معجم القسوة والرعب (كتاب)، تأليف: رضوان القضماني، زكريا تامر والقصة القصيرة، تأليف: امتنان عثمان الصمدي، الربيع الأسود (دراسة في عالم زكريا تامر القصصي)، تأليف: مفيد نجم.

قالوا عنه

يقول القاص المعاصر ياسين رفاعية، صديقه ورفيق طفولته: "مررنا زكريا وأنا بحالات يائسة منذ بداية حياتنا. دخلنا السجن مراراً، لا كمجرمين بل كسياسيين، وكنا – في زهوة الشباب – نتصور أننا قادران على التغيير، ولكن كم غدر بنا أصدقاء، كنا نتصورهم أصدقاء. لقد كانت خيباتنا كبيرة، كنا نعيش التجربة، ونكتبها بصدق وإلا ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن".

وتقول امتنان عثمان الصمدي صاحبة كتاب "زكريا تامر والقصة القصيرة": "لم يتلق زكريا تعليماً منظماً، بل تعلَّم من الحياة والكتب أكثر مما يمكن أن يتعلمه من المدارس. فقد صهرته نار الحدادة في بوتقة الحياة العمالية، فكوّن نفسه بنفسه، وتطلع إلى التكامل الذاتي بعدما ذاق مرارة العَوَز، فشحذته الحدادة وشحذت إرادته وزادت من رغبته في التوغل والثبات فقرأ وقرأ كل ما يمكن أن يزوده بشعور الشبع المعرفي. إلا أنه مع ذلك لم يستطع أن يبلور نفسه في قالب واضح محدد".

يقول الأديب السوري وليد إخلاصي: "وُلِدَ لعائلة دمشقية صبي هزيل أطلق لتوّه سعالاً متقطعاً، قالت الداية: الأطفال يبكون ولا يسعلون. جاء شيخ الجامع وقد سمع لغطاً بين الجيران وحضر ناظراً ما يجري ورأى وليداً مقطباً يسعل، وداية غاضبة وأهلاً محتارين في اختيار اسم لقادم جديد، وقال: لا يستحق المولود سوى اسم المشاكس. ثم اقترح صاحبُ مقهى الحارة الطيب أبداً اسم جحا، بينما نصح رجل حكيم الأب أن يطلق على ابنه اسم ابن المقفع. وهمس أستاذ مثقف قليل الكلام في المقهى الذي لا يهدأ له ضجيج بكلمة لم يفهمها أحد فكرّر قائلاً: إيزوب. لكن الأب ذهب بعد حيرة إلى دائرة الأحوال المدنية وسجل ابنه باسم زكريا تامر. وصمم رئيس المخفر أن يحرم الطفل من التعليم ظناً منه في خطورة ما قد يدور في رأسه ذات يوم. فتعلم زكريا تامر الكتابة دون معلم، وصار يكتب بنزقٍ باردٍ حكايات أثارت حفيظة ناس كانوا قد بالغوا في الفوضى".

فنه القصصي

يتحدث الأديب حنا مينا عن موقف زكريا تامر من المجتمع كما يعكسه في قصصه قائلًا "عندما نقرأ قصص زكريا تامر فإننا لا نعرف هوي هذا الإنسان ولا قمعية هذا الشرطي ولا الزمان أو المكان، لذلك يقوم التجريد مقام التعميم، ثم إن الإنسان في الوطن العربي كله، ورغم السجون والمعتقلات، ليس مذلاً ولا رعديداً، ولا يحمل أكفانه ليدور ميتاً في قلب الحياة، لذا نفتقد الموضوعية والصدق، وكأنه لا عالم، وكأننا نبرئ ذمتنا أمام جميع الحكام لأننا لا نقصد أياً منهم بالذات".

الكاتب السوري خليل صويلح يقول "تنطوي أعمال زكريا تامر القصصية على خصوصية استثنائية في السرد. فهو شاعر القصة العربية بلا منازع، لكن شعرية صاحب "دمشق الحرائق" تذهب بعيداً في استجلاء المأساة الشرقية بأقصى حالات الكشف والفضح والتعرية. إذ يمزج القاصّ السوري ببراعة بين الحسّ المأساوي والبعد الأسطوري للحدث الواحد. وعلى رغم أنّ هذه التجربة حفرت عميقاً في الذائقة العربية، إلا أنّها ظلت بعيدة عن مرمى النقد".

الناقد السوري مفيد نجم يقول "القيمة الإبداعية التي انطوت عليها تجربة زكريا تامر تتمثل في سعيها إلى الإفادة من المنجز الحكائي العربي القديم، وخصوصاً السرد الحكائي الشعبي، في الوقت الذي كانت تنفتح فيه على منجز الحداثة، سواء لجهة شعرية اللغة أو لجهة التقنيات المستخدمة في السرد، وقبل ذلك تخفّفها من هيمنة المرجعيات الإيديولوجية. إن هذا الافتراق هو الذي أسّس «اللحظة التامرية» في القصة العربية".