المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

غادة السمان.. نجمة ساطعة في سماء الأدب العربي

 
   
10:20

http://anapress.net/a/311899589608096
828
مشاهدة



حجم الخط:

السمان

منذ أن برز اسمها في الساحة الأدبية في العالم العربي وهي تخرج عن كل الحدود المرسمومة لها سلفًا، تتمرد على قواعد المجتمع غير المنطقية أو كما تسميها "على المنطق اللامنطقي للأشياء"، لا تتوقف عن كونها مثارًا للاختلاف والجدل سواء في أعمالها الأدبية التي حملت تميزًا نوعيًا لإبداع كاتبة عربية متفردة أو من خلال أعمال لآخرين كشفت عن علاقتهم بها مثلما فعلت مؤخرًا حين نشرت رسائل الشاعر أنسي الحاج إليها، وهي رسائل عاطفية تكشف عن حبه لها.

الجدل الذي أثارته تلك الرسائل لم يكن الأول من نوعه لدى الكاتبة السورية غادة السمان، سبق أن نشرت رسائل حب كتبها لها الشاعر الفلسطبيني غسان كنفاني، لتقدم اعترافها الصريح في مقدمة هذا الكتاب بكونها تنشر هذا الكتاب فخرًا بأن رجل مثل كنفاني أعلن حبه لها. تكتب السمان بقلم جريء لا يخشى التصنيفات والاتهامات.

ولدت غادة السمان في مدينة دمشق عام  1942 لأسرة برجوازية، توفيت والدتها بينما كانت السمان في سن صغيرة فازداد تعلقها بوالدها الأستاذ الجامعي الذي غرس فيها حب العلم والأدب والتراث العربي، فظهرت موهبتها في الكتابة للمرة الأولى أثناء دراستها الثانوية وعزمت بعدها على أن تدرس الأدب الانجليزي، ونشرت أولى مجموعاتها القصصية عام 1962 بعنوان "عيناك قدري".

أثناء دراستها الجامعية، عملت السمان في تدريس اللغة الانجليزية في إحدى المدارس، كما قدمت برنامجًا إذاعيًا عن الشعر العالمي، إلى أن تخرجت من الجامعة السورية عام 1963، وعملت كمحاضرة في جامعة دمشق لمدة عامين، ثم سافرت إلى بيروت وحصلت على الماجستير في "أدب اللا معقول"، لتتجه فيما بعد للعمل في الصحافة، وتكتب مجموعتها القصصية الثانية "لا بحر في بيروت" عام 1965، ثم أصدرت روايتها "ليل الغرباء" التي شكلت واحدة من تجارب السمان الأدبية الناضجة.

أنا مواطنة عربية لا تعاني من الإحساس بالنقص ولا التفوق نحو الحضارات الأخرى.. استمد قوتي من جذوري وحاضري العنيد رغم الضربات كلها

إبان هزيمة حزيران 1967، توقفت السمان عن الكتابة لفترة لما حملته تلك الهزيمة من صدمة نفسية لجموع المثقفين آنذاك، إلا أنها عادت للكتابة لاحقًا وأصدرت مجموعتها القصصية "رحيل المرافيء القديمة" عام 1973، ثم روايتها "بيروت75"، لتعزز مشروعها الروائي فيما بعد بنسر "كوابيس بيروت"، و"ليلة المليار".

أعمالها

كتبت السمان عددًا من المجموعات القصصية والمجموعات الشعرية والروايات فضلًا عن المقالات المجمعة وكتاباتها في أدب الرحلة والدراسات. بالنسبة للمجموعات الشعرية نشرت السمان "حب"، "أعلنت عليك الحب"، "اعتقال لحظة هاربة"، "الحب من الوريد إلى الوريد"، "أشهد عكس الريح"، وفي القصص نشرت "عيناك قدري"، "القمر المريع"، "زمن الحب الآخر"، وغيرهم. أما في أدب الرحلة فقد كتبت السمان "الجسد حقيبة سفر"، "شهوة الأجنحة"، "القلب نورس وحيد"، "رعشة الحرية"، فضلًا عن روايات مثل "الرواية المستحيلة"، "سهرة تنكرية للموتى".

من أقوالها

المبدع كبير بنقاط ضعفه كما أن الماسة جميلة بشرخ صغير فيها أو ضمور في ضوئها، وفي ذلك ما يميزها عن الماس الصناعي.

أنا مواطنة عربية لا تعاني من الإحساس بالنقص ولا التفوق نحو الحضارات الأخرى واستمد قوتي من جذوري وحاضري العنيد رغم الضربات كلها والمستقبل العربي الذي أتمناه.

لعلي سمكة تسبح منذ عقود صعودا ونزولا في شلال التيار متمردة ولعلي نملة تظل تحاول الركض بحبة القمح في فمها، أو بومة أحرقت أجنحتها مرات عديدة ولم تهجر طيران الفضول الليلي، ولعلي فراشة لا أكثر، عرفت نشوة الطيران منذ اليوم الذي ثقبت فيه شرنقتها وأعلنت حبّها للحرية وهي تطير وتطير.

 الرجل العربي منجم جماليات وتناقضات وشرور ونبل وعطاءات لها جذورها في تراثنا وتاريخنا الحضاري.. وكل ما أفعله أنني أغرف من المنجم بدلاً من الدخول إلى شرنقة همومي كأنثى "دون أن أنكرها" بل وأعلنها، ولكن في ضفيرة متشابكة مع هموم رفيقي المواطن الذكر.

المطلوب ألا تشعر الكاتبة أنها محور العالم، والذكور مجموعة من المروضين للأنثى في سيرك الحياة العربية والاجتماعية. الرجل العربي كنز من القدرة على الحب والوفاء والألم والندم والطموح والصمود والانكسار واللاشكوى والمكابرة.. والعطاء الإبداعي أيضاً.

وكروائية، لم يكن بوسعي الإشاحة بوجهي عن أحزان الرجل العربي وهمومه وهواجسه ومخاوفه ومعاناته وجمالياته وشروره، لم يكن بوسعي إهمال ذلك كله لأنني كاتبة لها همومها "كأنثى عربية".. فهمومنا واحدة المنبع وإن كانت المرأة في عالمنا العربي كادحة الكادحين ومظلومة المظلومين، ولكن ذلك لا يقوم عندي بالتعتيم على هموم الرجل العربي وسوء التفاهم بينه وبين بعض الكاتبات.

قالوا عنها

الدكتورة ماجدة حمود تتحدث عن أسلوب الحداثة في القصة القصيرة قائلة: "أسلوب الحداثة أسلوب تجريبي، يمتلك كل كاتب طريقة خاصة، تنأى به عن التقليد، دون أن يعني هذا القول وجود حاجز حديدي، في كثير من القصص، يفصل بين الطريقة التقليدية، التي تقدم فضاء القصة بشكل منتظم عبر لغة واقعية، وبين الطريقة الحديثة التي تجسد صوت الأعماق، عبر لغة الشعر. نعتقد أن الشكل التجريبي قد ساعد الكاتبة في تقديم رؤاها، وفي التعبير عن همومنا بشكل أعمق وأجمل مما كان سائداً في القصة التقليدية، خاصة حين امتلكت الكاتبة المقدرة اللغوية والعمق الفكري والوجداني".

تقول حنان عواد: "حقيقة هزيمة 1967، وما تلاها من حرب أهلية اشتعل أوارها في لبنان هزت كيان غادة السمان وأصابتها بصدمة عنيفة، الأمر الذي جعلها تتخلى عن الكثير من مثاليتها التي كانت تزين محاولاتها الأولى في الكتابة. تلا ذلك تحرر من الوهم وسخرية سافرة، لكن ذلك لم يكن لحسن الحظ ليؤثر على تقديرها لأهمية المحبة في حياة البشر. وشخصياتها مهما كانت متواضعة أو مهما سمت تسعى لأن تختبر المحبة الأصيلة، وإذا لم تحصل على هذه المحبة كثيراً ما تذوي وتموت كالأزهار المحرومة من ماء المطر. ولسنا نبالغ إذا قلنا أن السمان تعتبر المحبة دواء سحرياً يشفي جميع الأمراض، ويعالج مجموعة المساوئ التي تعتري الأفراد والأمم على حد سواء في عالمنا المضطرب".

في كتابه "الحرية في أدب المرأة" يقول عفيف فراج عن أدب غادة السمان القصصي: إن الأصالة الفنية التي تقف وراء استمرارية غادة السمان هي أهم ما يميزها على جيلها من الكاتبات. فحين نجد أن الكاتبات ليلى بعلبكي، كوليت خوري، وليلى عسيران بدأن بأعمال قصصية وقفن معها على ذروة، ليتدحرجن مع قصتهن الثانية إلى السفح، نجد أن غادة السمان تبدأ من السفح بمجموعة "لا بحر في بيروت" لتصل بمجموعتها القصصية "ليل الغرباء" إلى ذروة فنية تتجاوزها إلى ذروة أعلى بمجموعتها القصصية الأخيرة "رحيل المرافئ القديمة".