المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

هموم الواقع تُسيطر على القصة العربية

 
   
10:30

http://anapress.net/a/26992533839126
791
مشاهدة


هموم الواقع تُسيطر على القصة العربية
القصة تقاوم زمن الرواية- أرشيفية

حجم الخط:

إنه لكلام مكرر وجاهز أن نقول بهيمنة الرواية على الساحة الأدبية العربية دون سواها أو أن هذا العصر هو عصر الرواية فحسب، نعم للرواية حضور كبير في عالم النشر واهتمامات الترجمة والكتابة وفي أرقام المبيعات ومراجعات الكتب في المنابر الإعلامية، لكن ذلك كله لا يخفي حقيقة ثبات أجناس أدبية أخرى ومحاولتها الكبيرة في تجديد نفسها مثل الشعر وخاصة القصة القصيرة، التي وإن ابتعدت عن الواجهة فهي لم تبتعد أبدا عن التجديد والإبداع اللذين سيبقيان بعد أن تزول الفرقعات الإعلامية.

منذ ثلاث سنوات، أعلن المُلتقى الأدبي بالكويت تأسيس جائزة للإبداعات القصصية العربية، تحمل اسمه، إيمانًا منه بأن القصة القصيرة تشهد تراجعًا ملحوظًا أمام الرواية التي تسيّدت المشهد الأدبي العربي لا سيما مع ما تلقاه من ترحاب نقدي ووجود العديد من الجوائز التي تُقدّم للإبداع الروائي، فكانت الجائزة محاولة لتركيز الاهتمام على الفن القصصي في العالم العربي الذي لا تتراجع فقط الإصدارات فيه، ولكنه لا يلقَى درجة مناسبة من الاهتمام النقدي أو الجوائز المُشجّعة على النشر والكتابة في أحيان كثيرة.

جوائز ومؤتمرات

تكاد تكون جائزة الملتقى الوحيدة على الساحة الأدبية التي تحمل على عاتقها تشجيع الإصدارات القصصية العربية. في العام 2018 أعلنت الجائزة فوز الروائي والقاص العراقي  ضياء جبيلي عن مجموعته “لا طواحين هواء في البصرة” الصادرة عن دار سطور العراقية، بعد منافسة مع عدد من المجموعات القصصية من دول عربية مختلف.

وضمت القائمة القصيرة كلاً من: الراحل سعد محمد رحيم من العراق عن مجموعة “كونكان”، ومحمد جعفر من الجزائر عن مجموعة “ابتكار الألم”، وبلقيس الملحم من السعودية عن مجموعة “هل تشتري ثيابي؟”، ومنصورة عزالدّين من مصر عن مجموعة “مأوى الغياب”.

وفي محاولة مصرية، لتسليط الضوء على هذا الفن المُتجاهل، عقد أتيليه القاهرة للمرة الأولى مؤتمرًا لفن القصة القصيرة، تضمن مناقشات عن هذا الفن، وشهادات لكبار الكتاب مثل الروائي إبراهيم عبدالمجيد، والروائي وحيد الطويلة، والكاتبة عفاف السيد، والكاتب سعيد الكفراوي، فضلًا عن مناقشة بعض التجارب القصصية الجديدة والقضايا المتعلقة بهذا الفن. (اقرأ/ي أيضًا: راهيم حساوي روائي يطرح أسئلته الوجودية وعوالمه العبثية في ما يكتب).

كما نظّم المجلس الأعلى للثقافة الدورة التاسعة للمؤتمر العربي للقصة الشاعرة تحت عنوان “بين المسايرة والمغايرة.. في مواجهة الإرهاب” تحت رئاسة الدكتور شاكر عبدالحميد، وتضمن المؤتمر ثلاث جلسات بحثية عن: “القصة الشاعرة والأجناس الأدبية.. التغاير والتداخل في البنية والشكل”، و”حتميات الواقع المعيش سوسيولوجيا وثقافيا لظهور القصة الشاعرة وأثره في مضامينها”، و”القصة الشاعرة بين الواقع الرقمي وفضاءات الابتكار الإبداعي”، فضلًا عن مائدة مستديرة حول “القصدية الإبداعية للقصة الشاعرة بين الهوية والسلام الإنساني”.

إصدارات مصرية

في القاهرة، صدرت عن دار الشروق مجموعة قصصية للقاص المصري محمد المخزنجي بعنوان “صياد النسيم”، يضم ست عشرة قصة تميل إلى الطول، كما صدرت أيضًا عن الدار المصرية اللبنانية في القاهرة مجموعة قصصية بعنوان “مدينة الحوائط اللانهائية” للكاتب المصري طارق إمام، والتي جاء في تقديمها أنه يمكن قراءتها كمجموعة قصصية حقيقية، ويمكن قراءتها كرواية حقيقية، ويمكن قراءتها كديوان شعر حقيقي من قصيدة النثر، وهي إجمالا ألف ليلة وليلة جديدة عصرية بلا أي تزيد. عمل يتوسَّل بالخيال والغرائبية وتهشيم العالم المعتاد لإعادة بناء عالم جديد مدهش، بقصد كشف غرائبية العالم الذي نعيشه بالفعل.

أما مجموعة “حروب فاتنة” للكاتب المصري حسن عبدالموجود، والتي صدرت عن دار الكتب خان في القاهرة، فجاء في تقديمها أنها من قصة تلقي الوحدة المصرية السورية ظلالًا عليها، إلى قصة خلفيتها ما جرى للحزب الشيوعي، ومن قصة ساحتها وحدة عسكرية، إلى أخرى تطل شخصياتها على سجن طرة، ومن قصة يتحتم على شخصياتها الصعود إلى قرية معلقة على أحد جبال اليمن، إلى قصة تتيه شخصياتها في شوارع مسقط، يبحث حسن عبدالموجود عبر عشر قصص طويلة هي قوام مجموعته الجديدة عن عناصر وشروط لعبة قصصية متقنة يورط من خلالها شخصياته -وقراءه بالتأكيد- في عوالم توشك أن تطابق عالمنا الواقعي، لولا انحرافة بسيطة هنا أو هناك، تبتعد بنا عن ألفة الواقع بقدر ما تتيح لنا المسافة الكافية لتأمله ورصد أفعاله في أرواحنا. (اقرأ/ي أيضًا: 6 روايات سورية عن أجواء الحرب واللجوء في 2018).

كما صدرت للكاتبة المصرية منصورة عزالدين مجموعة قصصية بعنوان “مأوى الغياب” عن دار ممدوح عدوان، وجاء في تقديمها “في مأوى الغياب نقرأ عن حطام الأحداث والبشر، وعن اختمار هلع المدن الهالكة، في قصصٍ تنتمي إلى الخيال والغرائبية، بقدر ما تستمد مما يحدث في الواقع من خراب مادةً للكتابة”.

وصدرت عن دار الساقي للنشر والتوزيع مجموعة قصصية بعنوان “همس النجوم” لنجيب محفوظ، وهي مجموعة قصصية تنشر لأول مرة في كتاب، بعدما نُشرت مُنفصلة في بعض الدوريات من قبل. وتضم المجموعة ثماني عشرة قصة تدور في عالم الحارة الأثير لدى نجيب محفوظ.

قصص عراقية

في العراق، بدت قضايا الواقع مهيمنة أيضًا على ما نُشر خلال العام 2018 وبالتركيز على الآثار المُدمرة للحروب على العراق، إذ صدرت للروائي أحمد سعداوي مجموعة قصصية بعنوان “الوجه العاري داخل الحلم” عن دار الرافدين ببغداد، وتدور أحداث القصص في العاصمة العراقية في السنوات التي تلت الغزو الأميركي عام 2003.

كما صدرت للفنان التشكيلي العراقي خالد شاطي مجموعته القصصية الأولى “الديك الأعرج” عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والتي هيمنت عليها أجواء الحرب والإرهاب، بالتركيز على فترة الحرب العراقية الإيرانية وحتى الوقت الحاضر.  وصدرت للكاتب العراقي زهير كريم مجموعة قصصية بعنوان “فرقة العازفين الحزانى” عن دار الرافدين، وفي 12 قصة هيمنت عليها أجواء الحرب والموت.

 

 كان لسوريا حضور مميز في عالم القصة القصيرة في العام 2018
 المحرر

في الكويت، أصدر الروائي والقاص الكويتي طالب الرفاعي عن دار ذات السلاسل مجموعة قصصية بعنوان “رمادي داكن”، وفي توطئة المجموعة يقول الكاتب “هذه ليست مختارات، بل قصص جديدة، على الرغم من قِدم تواريخ كتابة بعضها، فلقد قمتُ بإعادة كتابتها وقراءتها، والاشتغال عليها لتجديد عمارة بنائها، مرة، ومرتين، وعشر، وعشرين، وأكثر، بناء على وعيٍ وموقفٍ متجددين من قضايا الإنسان والواقع والإبداع”.

وصدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون المجموعة القصصية “الموت سلعة رخيصة” للكاتب البحريني فهد السيابي. وجاء في تقديمها أن مختلف التشخيصات الإنسانيّة في هذه المجموعة، تحيلنا لمجمل المعاناة التي يعيشها إنسان العصر داخل بلدان الصراع أو خارجها، فكلاهما يوحيان بالوجود على حافّةِ الحياة، ويثيران إحساسًا مستمرًا بالمأساة، والشعور بالاغتراب، واللاتواصل مع الآخر، لذلك اختار بطل قصّة “الموت سلعةٌ رخيصة” لنفسه النكوص إلى الذاكرة، عندما فقد معنى العالم والوجود من حوله. فالتصادم بين ذاكرة الذات، جاء على إيقاع الخوف من فقدان الحياة. “فورًا، أيقنت إنّني على قيدِ خطوةٍ واحدة فقط من الموت. خطوةٌ، وأستحيل –بعدها- أشلاءً مفتّتة تتراشقها مخلوقات المحيط الشرسة”.

وفي فلسطين، صدرت عن دائرة الشارقة للثقافة مجموعة قصصية بعنوان “القفص” للكاتبة الفلسطينية فدى جريس، وتتكون من ثلاث عشرة قصة تسلط الضوء على الواقع الفلسطيني. كما صدرت عن دار طباق للنشر والتوزيع في فلسطين مجموعة قصصية للكاتب المتوكل طه بعنوان “وحوش مُركّبة”، والتي ركز فيها الكاتب على الشأن الفلسطيني. (اقرأ/ي أيضًا: شمس الإبداع السوري "لا تغيب".. سوريون يحصدون جوائز مرموقة في 2018).

ومن الأردن، صدرت للقاص جمعة شنب، مجموعة قصصية بعنوان “رجل غير مهمّ بالمرّة” عن الدار الأهليّة للنشر والتوزيع، وجاء في تصديرها “هذه القصص القصيرة جدًّا سياط برقيّة تبتلي القارئَ بسلسلة من المفارقات (العماءات المُبصرة) من أسئلتها المحبطة، فلا تقترح عليه أجوبة، ولا تأبه حتّى بتشويقه لينتقل من قصّة إلى أخرى لإكمال القراءة بشغف، بل يجد نفسه مشغولاً ومتورطاً بالتفكير بهذه الصور والبنى القصصيّة الدقيقة، بقدر انشغاله وتورّطه بالبنى الاجتماعيّة المنهارة التي تنتمي إليها الشخصيّات غير البعيدة عن المؤلّف أو السارد أو القارئ، فهي داخلة، بهمومها المقلقة، في معترك الوعي الإنساني الوجودي والاجتماعي والأدبي لهم جميعاً، سواء أحملت اسماً أو جاءت مجرّدة! وسواء أكانت مذكّرة أو مؤنّثة! وسواء أكانت حقيقيّة (واقعيّة) أو خياليّة (فنتازيّة غرائبيّة)! فهي كلّها تشترك بتواطؤ في لعبة من (الكوميديا السوداء)”.

إبداعٌ سوري

كان لسوريا حضور مميز في الإنتاج القصصي العربي في 2018، فقد صدرت للقاصة والروائية الأردنية السورية سحر ملص مجموعة قصصية بعنوان “الأرض المشتعلة” عن دار اليازوري في عمّان، وفيها تتعرض للآثار المدمرة للحروب على المدن العربية العريقة ذات التاريخ.

كما أصدر الشاعر السوري فادي سعد مجموعة قصصية بعنوان “مكتبة الموتى” عن الدار العربية للعلوم ناشرون، وتحوي المجموعة ثلاث عشرة قصة قصيرة كُتِبَت بين عام 2011 وعام 2017، يتناول فيها الكاتب جوانب من المأساة السورية، كتب سعد في بداية المجموعة “أغلب قصص هذه المجموعة تستلهم موضوعها وشخصياتها من أحداث حقيقية حدثت في سوريا بين العامين 2011 و2017”.

وكانت اللجنة الإدارية لجائزة القصة القصيرة في رابطة الكتاب السوريين قد أجرت مسابقة في القصة القصيرة، وفاز بالجائزة الأولى فيها القاص والروائي فخر الدين فياض عن مجموعة “امرأة النافذة”، بينما فاز بالجائزة الثانية القاص عمران عزالدين عن مجموعة “بين تفاحتين”، وفاز القاص أنس ناصيف بالجائزة الثالثة لمجموعة “عندما كان هناك مكان للصراخ”.

تُثبت إصدارات العام 2018، أن القصة القصيرة قادرة على أن تُعيد توظيف قضايا الواقع والمجتمع والإنسان فيما يُكتب، وليست الرواية هي الجنس الوحيد القادر على ذلك، فلم تكن القصة القصيرة بعيدة يومًا عن انشغالات الواقع أو همومه المتسارعة والمتصاعدة. ولا يزال هذا الفن بحاجة إلى جهد نقدي ومؤسسي وإبداعي كي يُعاد إلى مكانته التي يستحقها.

 

هذه المادة تُنشر بالتعاون مع صحيفة العرب اللندنية




كلمات مفتاحية