المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

راهيم حساوي روائي يطرح أسئلته الوجودية وعوالمه العبثية في ما يكتب

 
   
15:00

http://anapress.net/a/20257251093256
760
مشاهدة


راهيم حساوي روائي يطرح أسئلته الوجودية وعوالمه العبثية في ما يكتب
حساوي - أرشيفية

حجم الخط:

يركّز الروائي السوري راهيم حساوي في كتاباته على التفاصيل المهملة في حياة الإنسان، ويطرح أسئلته الوجودية وعوالمه العبثية في ما يكتب، بشكل شجاع يتجاوز الحدود المرسومة سلفا لماهيات الأشياء والناس والأحداث وغيرها. 

شُغلت الرواية السورية إبان الثورات العربية خصوصا بعدد من القضايا: الثورة ومآلاتها، أدب السجون، والتاريخ وتأثيره على الحاضر. في عمليه الروائيين الصادرين بعد سنوات من الثورة السورية “الشاهدات رأسا على عقب” و”الباندا”، لم يُقارب الروائي راهيم حساوي كل هذه المسائل. وهو ما جعلنا نتساءل إن كان هذا موقفا إزاء كل هذه الأحداث والأزمات التي حدثت، ليجيبنا حساوي قائلا “لا أستطيع الكتابة عن هذه الأحداث لعدم قدرتي على الإلمام بها روائيا، وبخصوص الكتابات التي تناولت هذه الأحداث منها الجيد ومنها السيء، ولكن في نهاية المطاف بقيت الصورة الحقيقية هي الحاضرة فوق كل الكتابات، ربما في زمن قادم تكون مرجعا أو نبذة عمّا حدث في هذه البلاد على كل الأصعدة”.

في روايتيه ثمة اتكاء مستمر على فكرة العبثية، أجواء كافكاوية تهيمن على ما يكتب
 المحرر

في روايتيه ثمة اتكاء مستمر على فكرة العبثية، أجواء كافكاوية تهيمن على ما يكتب. يوضح حساوي “في سنة 1998 انقلبت حياتي تماما، كان الوقت أول المغيب، كنتُ شخصا طبيعيا (بالمفهوم السائد) لا أعرف ما الذي حدث لدماغي وإدراكي فجأة، شعرت أني بحاجة للصراخ كما الصرخة التي في لوحة إدفار مونش، نظرتُ للحياة نظرة بعيون مرتعبة، وتساءلت: ما هذا العالم؟ كان هذا سؤالي الأول ومن بعد ذلك أصبتُ بحالة هلع وذعر استمرّ لأيام، ومن ضمن هذه الفترة فقدت بصري بشكل متقطع ليوم ونصف اليوم، كان بصري يأتي ويروح.. وإلى الآن فخلال نسبة كبيرة من مشاويري لا أستطيع المشي وحدي، أحتاج لمن يمشي معي، ففي بعض الأحيان أتوقف عن المشي فجأة وأدخل في حالة عدمية قد تستمر لدقائق حيث لا قدرة لي على المشي خطوة واحدة، ويتكثف الشعور بعدم الجدوى على مستوى الخطوة الواحدة”.

ويتابع حساوي “الوجود بالنسبة إليّ هو الخسارة الأبدية مهما حقق المرء من انتصارات ونجاحات، هو الألم المستمر، حتى الفرح الذي نحظى به في بعض الأحيان يسبقه الألم ويتبعه الألم وقد يتخلله الألم، وفي جميع الأحوال ثمة سباق مرير بين الزمن وما يفكر فيه المرء، ويبقى على هذه الحال إلى أنْ يصل إلى حتفه وكأنّ شيئا لم يكن، رغم أنّ كل الأشياء كانت بماضيها وحاضرها ومستقبلها. لذلك أستطيع القول إن الوجود حاد الطباع للغاية، وما يبقيني على قيد الحياة هو الإحساس الدائم بالعتب على هذا الوجود بوجه صامت من جهة، وإحساسي بالرضا عن نفسي من جهة ثانية، وما بينهما عبث في عبث حتى لو بدت الأمور بشكلها الجاد؛ الكتابة مثلا”. (اقرأ/ي أيضًا: 6 روايات سورية عن أجواء الحرب واللجوء في 2018).

يرى الكاتب أن ما يكتبه وما سيكتبه يسير في مسار واحد، الأشياء التي يشعر بها الناس تبدو سخيفة لكنها مهمة، مضيفا “سأطرح مثالا أحبه، في رواية ‘الشاهدات رأسا على عقب‘، أعرب جابر عن عدم احترامه لوالد صديقه، وذلك بسبب حادثة صغيرة حدثت في منزل صديقه؛ ذات يوم كانوا يلعبون في بهو المنزل برمي كرة سلة في إطار تم تثبيته، حين خرج الأب قال لهم: حين أعود لا أريد أنْ أرى أي أحد معكم، شعر جابر الزايم (بطل الرواية) بالتوتر لعدم معرفته وقت عودة هذا الرجل! فهو لم يقل إني سأعود بعد ساعة أو ساعتين أو خمس دقائق مثلا، قال جملته وغادر.. هذا يحدث كثيرا في حياة الناس، أمر مقزز، شهوة السلطة، ويحدث هذا في العمل، بين المدير وموظفيه، بين الموظف والمراجع، بين رجل الأمن والموطن، في أمور كثيرة، حتى بين الأصدقاء، بين الحبيب وحبيبته، ترك الآخرين في جحيم الغيب، عبارة ‘عمّا قريب‘ كم تبدو سخيفة حين تُقال بين طرفين، أحدهما يملك قرار هذا القريب دون الإفصاح عنه أو قول ما يشير إليه ولو بشكل تقريبي”.

بدأ حساوي حياته الأدبيّة بكتابة المسرح، ويشير إلى أنها كانت بداية سلبية حين وقع في مواقف محبطة مع العاملين بالمسرح، لافتا إلى أن بعض المواقف صدمته بهم، فتوقف عن كتابة المسرح وعن تلك الرغبة التي كانت متدفقة لديه، أمّا من جهة أخرى فلقد كانت كتابة المسرح نقطة إيجابية وحسنة في صقل معرفته في بناء الشخصيات، وهذا ما جعله يشعر بقدرة جيدة أثناء تقديم الشخصية في الرواية، وكذلك فقد جعلته الكتابة المسرحية يعرف لغة شخصياته الروائية جيدا في ما يتعلق بطريقة حوارها وكلامها ومونولوجاتها وحتى صمتها بما يتوافق مع طبيعتها.

يقول “في روايتي الأولى والثانية كان الإهداء ‘إلى الذين لا أعرفهم ولا يعرفونني‘ هؤلاء من أكتب لهم، لا أريد تحقيق شيء ولا أطمح إلى شيء من خلال الكتابة، سوى أنني في بعض الأحيان أشعر بالرضا حين أجد من يشاركني أمرا كتبته أو أشرت إليه، شيء يشبه فنجان القهوة لا أكثر، زمن الطموحات انقرض وانتهى”.

في روايته الأخيرة “الباندا” يتكئ حساوي على رفضه جائزة نوبل للسلام لبناء أحداث الرواية 
 

في روايته الأخيرة “الباندا” يتكئ حساوي على رفضه جائزة نوبل للسلام لبناء أحداث الرواية وهنا يشير الكاتب إلى أنه قد حدث خطأ فادح مع بعض من كتبوا عن الرواية، أو مع من تحدثوا عنها في برامج إذاعية، قالوا إنه يقول: إنّ جائزة نوبل للسلام لا تذهب إلى من يستحقها. هذا خطأ كبير لأنه لم يقل ذلك في فحوى الرواية، لكنه قال إنّ وجود الجائزة بحد ذاته شيء صفيق ويتجاوز الغباء. (اقرأ/ي أيضًا: بالصور: فنانٌ من بلدنا.. بلال شوربة مُبدع عاندته الظروف).

ويتابع “كثافة السكان كفيلة برؤية ذلك، لا أحد لديه قدرة حقيقية لتقييم أفعال كل هذه البشرية، هناك مليارات من البشر، لا نعرفهم، وربما جيرانهم لا يعرفون حقيقتهم ولا ما يقومون به من أمور جديرة بالاحترام والسلام، بينما ليس كل البشرية علماء في الكيمياء أو الفيزياء أو الآداب وغير ذلك، وهذا ما يجعلني أبرر وجود بقية الجوائز، ولكن وجود جائزة نوبل للسلام فكرة معيبة في حق المليارات من البشر، حتى الأم تيريزا ليست جديرة باحترامي منذ مراهقتي. ولا داعي لذكر الأسماء الأخرى من الساسة وغيرهم”.

وفي ما يتعلق بالمرأة في حياته وأعماله يوضح حساوي “علاقتي مع المرأة واقعيا تقوم على الاحترام أولا، وما عدا ذلك تفاصيل وخيارات قد تحدث وقد لا تحدث، وثمة احترام دفين ليس سهلا على أي امرأة أنْ تلمسه، لذلك من الصعب أنْ تحظى امرأة باحترامي، ومن الصعب أنْ أحظى باحترام امرأة، سوء فهم لا بأس به. أمّا في ما يخص الرواية، ففي رواية ‘الباندا‘ كتبت عن مجموعة نساء مختلفات كلودين، سارة، سعاد، شادن، أم خالد، وفريدة الأسعد التي كانت في طريقها للحصول على جائزة نوبل للسلام”.

ويلفت الروائي السوري إلى أنه يعكف حاليا على كتابة رواية جديدة، يكاد ينتهي من كتابتها، والإنسان يستطيع تحديد وقت نهاية الأشياء بصورة تقريبية، أو بمحاولة جادة للنظر إلى الزمن المتوقع، فإنه يتوقع نهاية هذا الشتاء الانتهاء من الرواية التي تقع أحداثها ما بين برلين ونابولي وبلد أفريقي.

 

*بالتعاون مع صحيفة العرب اللندنية




كلمات مفتاحية