لبنان مجدداً: "اللاجئون عبء كبير علينا".. ويدعو الاتحاد الأوربي لتمويل عودتهم

طالبت الحكومة اللبنانية الاتحاد الأوربي بضرورة تمويل عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم. وانتقد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل سياسة الاتحاد الأوربي في تلك القضية، ودعا إلى ضرورة اضطلاع أوروبا بمسؤولياتها في تمويل عودة النازحين.

جاء ذلك خلال اجتماع انعقد يوم أمس في مستهل زيارته الرسمية إلى إسبانيا، جمع باسيل ورئيسة مجلس النواب الإسباني الجديدة ماريكسيل باتت، وهو الاجتماع الذي شكل ملف النازحين جزءاً رئيساً منه، والذين اعتبرهم باسيل "ضحايا الحرب"، وجدد التأكيد على أن بلاده غير قادرة على استيعابهم بعد مرور ثمان سنوات.

وفي بيان، ذكرتالخارجية اللبنانية أن باسيل قال خلال الاجتماع: "ما هو أخطر من الأعباء المترتبة على النزوح احتمالات بقائهم على أرضنا ونحن نخشى ذلك في ضوء التجربة التي عشناها مع لجوء الفلسطينيين إلى بلادنا منذ العام 1948 وهم لا يزالون على أرضنا ولا نريد أن يتكرّر ذلك مع السوريين".

ودعا الوزير باسيل إسبانيا والاتحاد الأوروبي إلى التنبه لهذه المسألة، وقال: "قد يأتي يوم تضيق سبل العيش بالنازحين فيتوجهون إلى أوروبا ، وأضاف: "نحن نرفض السياسة الدولية المتبعة حاليا والتي تقوم على تمويل بقاء النازحين في لبنان إلى أن يحين موعد الحلّ السياسي في سوريا، مع العلم أن الظروف الأمنية باتت متوفرة في سوريا ليعود أهلها النازحون إليها.

نفي

ونفت المديرية العامة للأمن اللبناني، قبل أسبوع، ما رصدته منظمات حقوقية في بيان لها مؤخراً بشأن"إجبار لبنان للسوريين على توقيع استمارات عودة طوعية قبل ترحيلهم إلى بلادهم، لدى وصولهم إلى مطار بيروت".

وطبقاً لبيان المديرية العامة للأمن العام، فإنها "تنفي جملة وتفصيلا إجبارها السوريين على توقيع أي استمارة (..) وأن أي شخص مهما كانت جنسيته، يصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي للدخول إلى لبنان ويتبين نتيجة التدقيق باسمه أنه لا يستوفي شروط الدخول يتم إعادته إلى البلد القادم منه".

واتهمت منظمات "هيومن رايتس ووتش"، و"المركز اللبناني لحقوق الإنسان"، و"المفكرة القانونية"، و"رواد الحقوق" و"مركز وصول لحقوق الإنسان" -في بيان مشترك- الأمن اللبناني بترحيل 16 سوريا على الأقل بإجراءات موجزة فور وصولهم إلى مطار بيروت في الـ26 من أبريل الماضي، رغم أن بعضهم مسجلون لاجئين وأعربوا عن خشيتهم من إعادتهم قسرا إلى بلادهم. وذكرت تلك المنظمات أن هؤلاء السوريين "لم يمنحوا أي فرصة لطلب اللجوء أو الاعتراض على ترحيلهم، بل أجبروا على توقيع استمارات "عودة طوعية إلى الوطن".

ويرغب رئيس النظام السوري بشار الأسد في  عودة "جميع اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان إلى بلادهم، طبقاً لما نقله عنه الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله أمس السبت، والذي قال إن الأسد عبّر عن تلك الرغبة خلال لقاء سابق جمعهما. 

جاء ذلك في كلمة متلفزة لنصر الله، على هامش ذكرى انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في العام 2000. وقال: "منذ سنوات وفي لقاء مع السيد الرئيس بشار الأسد، تحدثت معه بصراحة وسألته هل أنتم تريدون أن يعود النازحون من لبنان إلى سوريا حتى نفهم على بعضنا لأننا نحن أصدقاء وحلفاء ولا يريد أحدنا أن يلحق الأذى بالآخر، قال لي بكل صراحة وبكل صدق نعم نحن نريد أن يعود الجميع إلى سوريا، وحاضرون أن نقدم كل التسهيلات لعودة الجميع إلى سوريا".

وأردف زعيم حزب الله اللبناني في كلمته قائلا: "ما هو المانع اليوم أمام عودة اللاجئين السوريين؟"، قبل أن يجيب: "هذا المانع سياسي لا علاقة له باعتبارات إنسانية أو أمنية أو اقتصادية".

السبب الحقيقي -في تصور نصر الله- هو سبب سياسي، على أساس أن "الأمر يرتبط بالانتخابات الرئاسية في سوريا؛ لأن ولاية الأسد ستنتهي في العام 2021.. أمريكا والغرب وبعض دول الخليج لا يريدون للنازحيين السوريين أن يعودوا إلى بلدهم بالحد الأدنى قبل الانتخابات الرئاسية السورية".

وأضاف أن "أمريكا والغرب وبعض دول الخليج تقدم هذا الاعتبار السياسي وتفرض على لبنان منع عودة النازحين السوريين"، داعيا الحكومة والقوى السياسية في لبنان إلى عدم الاكتفاء بالتصريحات والمواقع، بل الحد من هذا المنع، بعد الانتهاء من بحث الموازنة الحكومية.

انسحاب

وأفاد موقع "لبنان الجديد" منتصف الأسبوع الماضي، نقلاً مصادر ميدانية مقربة من "حزب الله" بأن "قيادة الحزب أعطت الأوامر لمقاتليه لبدء الانسحاب من سوريا خلال مهلة أقصاها 15 يوماً".

وبحسب مصادر الموقع القريب من حزب الله، فإن الأمر شمل سحب كامل العتاد والانتقال إلى جنوب لبنان لاستلام مهمات أخرى على صلة بالتوتر القائم في المنطقة.

ومنذ أكثر من أسبوعين تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران حليفة الحزب، ووصل التوتر الى حد التلويح بالحرب.. وتشديد واشنطن لعقوباتها ضد طهران تسبب بانخفاض حاد في التمويل الإيراني "لحزب الله" الذي أبقى على التعويضات المالية لأسر مقاتليه حتى لا يجد نفسه أمام انتفاضة في أوساطه الشعبية.

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست"، وفق ما نقلته قناة " روسيا اليوم" بأن تقليص التمويل من إيران نتيجة للعقوبات الأمريكية أجبر "حزب الله" اللبناني على اتخاذ سلسلة إجراءات تقشف، بما فيها سحب جزء ملموس من مقاتليه من سوريا.

وذكرت الصحيفة أن "حزب الله" في محاولة لسد العجز المالي أطلق حملة واسعة لجمع التبرعات من مؤيديه تحت شعار "التبرعات تمنع وقوع الكارثة"، وذلك تلبية لنداء "إلى الجهاد بالمال" الذي جاء في مارس الماضي على لسان الأمين العام للحزب حسن نصر الله.