أحكام مرتقبة ضد كروات البوسنة بتهم جرائم حرب.. هل ننتظر ربعَ قرنٍ لإدانة النظام؟

ما بين عامي 1992 و1995 دارت رحى حرب "البوسنة" الشهيرة والتي تم تقديم المتهمين فيها إلى المحاكمة الجنائية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وقد أسفرت تلك الحرب عن سقوط أكثر من 100 قتيل ونزوح ما يربو عن مليوني شخص، بينما لايزال الترقب سيد الموقف بشأن مصير المتهمين في تلك القضية بعد نحو ربع قرن من وقوعها، إذ تصدر محكمة اليوم (الأربعاء) حكمًا ضد عدد من قادة كروات البوسنة في تلك القضية التي تسدل الستائر عليها حتى اللحظة.

نظام بشار الأسد في سوريا –وفق الإحصائيات الصادرة عن المرصد السوري- تسبب في سقوط 470 ألف قتيل وأكثر من 2 مليون مصاب، وارتفع إجمالي عدد اللاجئين السوريين من 4,6 ملايين في أواخر 2015 إلى 4,85 مليونا في أواخر العام الماضي بحسب أرقام الأمم المتحدة. بينما يظل الأسد حرًا طليقًا دون محاسبة.

والعديد من الاتهامات تلاحق النظام السوري بارتكاب جرائم حرب، لاسيما في محافظة إدلب في 2016 وسط دعوات للتحقيق معه في ارتكاب مثل تلك الجرائم التي يمكن من خلالها تقديمه للمحاكمة أمام الجنائية الدولية.. بينما يظل طريق الجنائية الدولية "مسدودًا" أمام السوريين على اعتبار أن سوريا ليست دولة عضو في المحكمة، بالتالي لا مفر سوى إقدام مجلس الأمن ذاته بتقديم ملف جرائم الأسد للمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يخضع للتجاذبات السياسية، ويظل الفيتو الروسي ولربما الصيني كذلك حاضرًا مدافعًا عن النظام السوري.

عقبة أخرى في طريق إدانة الأسد تكشفها تفاصيل قضية "البوسنة" التي لم تحسم حتى بعد ربع قرن، فمثل تلك القضايا تتميز بالتعقيد الواضح. وتعتبر القضية من أطول المحاكمات وقامت المحكمة خلالها بالاستماع إلى أكثر من ثلاثمائة شاهد وعقدت أكثر من أربعمائة وخمسين يومًا للجلسات، وجاءت الأحكام –التي تم استئنافها- في أكثر من ألفي وخمسمائة صفحة.

الأحكام المرتقبة اليوم تصدر ضد 6 قادة سياسيين وعسكريين سابقين لكروات البوسنة، وستكون بصورة نهائية، ذلك عقب أن تم الحكم عليهم بالسجن في وقت سابق على القائد العسكري السابق لصرب البوسنة راتكو ملاديتش والذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة، بينما ينتظر ستة آخرون مصيرهم اليوم يتقدمهم الزعيم السابق لكروات البوسنة يادرانكو بيرليتش (الذي ادّعى اليوم أنه شرب سمًا ما اضطر المحكمة لتعليق الجلسة) وكان قد حكم عليه بالسجن 25 عامًا في وقت سابق، وتم استئناف الحكم وإعادة المحاكمة في انتظار الحكم النهائي اليوم.

حرب البوسنة والهرسك هي عملية نزاع دولي مسلح حدثت في البوسنة والهرسك من مارس 1992 حتى نوفمبر 1995. وكان هناك دول كثيرة دخلت كأطراف في هذه الحرب. وحسب قول محكمة الجزاء الدولية في يوغسلافيا، فأطراف الصراع هي البوسنة والهرسك وجمهورية يوغوسلافيا وكرواتيا. وتبعا لتقارير محكمة العدل الدولية فإن صربيا قد ساهمت في تلك الحرب بجيشها ودعمها المالي للقوات الصربية والتي أصبحت فيما بعد جيش يوغسلافيا الشعبي. وقد قدمت كرواتيا قواتها أيضا. أما بالنسبة للبوسنة فقد كانت قوات الحكومة البوسنية تقود جيش جمهورية البوسنة والهرسك.

وفي تصريحات سابقة لها، كانت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سامنتا باور قد استخدمت الحكم الذي صدر ضد رادوفات كرادجيتش بالسجن مدى الحياة في القضية ذاتها للإشارة إلى نظام الأسد ومصيره، وقالت إن ذلك الحكم يقدم رسالة لنظام الأسد مفادها "لن تُنسى الجرائم التي ارتكبتمونها وسوف تحاسبون يومًا ما عليها".

ووفق بيان صادر عن باور فإنها قد شددت على أن الحكم الذي صدر ضد زعيم صرب البوسنة السياسي السابق يبعث برسالة للأسد، وقالت إن زعيم صرب البوسنة لم يكن يفكر يومًا أنه سوف يحاسب على أفعاله مثل "قادة متوحشون" في عالمنا اليوم يعتقدون بذلك من بينهم الأسد وزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي الذين يشعرون بالثقة في النفس وبأنهم لن يحاسبوا والحكم الذي صد هو رسالة لهم.

المتهمون في قضية البوسنة أدينوا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاك القوانين أو أعراف الحرب، بالإضافة إلى خرق اتفاقيات جنيف في الفترة ما بين 1992 و 1994، وقد أصدرت المحكمة حكما بسجنهم 25 عاما في عام 2013، بعد محاكمة استمرت سبعة أعوام. وحال تمت إدانة المتهمين فإن ذلك سوف يفتح الباب أمام أسر الضحايا لطلب تعويضات.