http://anapress.net/a/591700630930587
لعل مخلفات الحروب خطر موت جديد يهدد المدنيين في مناطق سوريا الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، يومياً تقوم طائرات النظام وحلفاؤه بقصف هذه المدن والبلدات بعشرات الصواريخ بأنواعها المختلفة، منها ما يدمّر ويقتل ومنها ما يبقى له آثار تفضي إلى نتائج أفظع مما كانت ستسببها إن انفجرت في حينها.
عشرات الحالات بين وفاة وبتر وإعاقات أو حتى إصابات بسيطة نتجت عن انفجار مخلفات القصف الجوي التي لم تنفجر خلال القصف، يومياً يقوم سلاح الجوي باستهداف مدن وبلدات الشمال السوري بمختلف أنواع الأسلحة، الفوسفور الحارق والقنابل العنقودية والصواريخ الفراغية عداك عن البراميل وغيرها الكثير الذي بات أصعب من أن نتمكن من عده لكثرة الأسلحة التي تم استخدامها.
قسم كبير من هذه الأسلحة لا تنفجر خلال القصف لأسباب عدة، إما أنها سقطت في وضعية غير صحيحة فلم يلامس الصاعق الأرض ما منعها من الانفجار، أو أن الصاروخ يعاني من مشكلة ما منعته من الانفجار.
ولربما أن بعض تلك الصواريخ موقوتة وتنفجر في وقت لاحق كما حصل عدة مرات، وفي كل تلك الأحوال يكون لانفجار هذه الأسلحة في وقت لاحق للقصف تداعيات سلبية ربما أكبر من تداعياتها لو انفجرت خلال القصف والاستهداف، حيث تنفجر تلك الأسلحة لدى تجمع الناس حولها أو قيام أحد في العبث بها بطريقة خاطئة وفي كل الأحوال ستسفر عن أضرار جسيمة لا تحمد عقباها.
أبو محمد (50 عاماً من ريف إدلب الجنوبي) يقول في حديث لـ "أنا برس" حول تجربته مع تلك الأسلحة: أنا فلاح وأملك بعض الأغنام التي يقوم أطفالي بالرعي بها في هذه الجبال، فأنا أخاف من القصف وابتعدت عن القرية وبنيت بيتاً صغيراً في الحقل، أعيش على موارد أرضي وأغنامي، ولكن النظام لم يستثني حتى الحقول والجبال من القصف.
ويتابع: تم استهداف المنطقة عدة مرات بالصواريخ العنقودية وحتى الفوسفورية قبل أيام، وبينما كان أطفالي يرعون الأغنام في أحد التلال القريبة، وجدوا قنبلة عنقودية من مخلفات القصف لم تنفجر، وهم أطفال لا يدركون مدى الخطر الذي يقف خلفها، فقاموا بإشعال النار ورميها والابتعاد عنها كنوع من اللعب لانتظارها حتى تنفجر، وبعد فترة لم تنفجر واقتربوا منها هما الاثنان، وبمجرد تحريكها بواسطة عود صغير انفجرت وكادت تقتلهم، الولد الأول بترت يده عندما قام بتحريكها وانفجرت على مقربة منه، فيما أصيب الثاني إصابات بليغة في عينيه وتسببت بأضرار كبيرة له في شبكية العين، قمت بإجراء عملين جراحيين له على أمل أن يحافظ على نظره ولو قليلاً، والأطباء يخبرونني بأن هناك احتمالاً أن يفقد نظره نهائياً.
قصة أبو محمد مع أولاده إحدى مئات القصص التي ربما كانت أشد قسوة وأودت بحياة من عبث بتلك الأسلحة المنتشرة في كل مكان، فالمنطقة تتعرض للقصف بشكل جنوني ويومي ومثل تلك الأسلحة منتشرة في كل مكان، علماً أن كل منطقة تحوي على مراكز للدفاع المدني وفرق للهندسة تقوم بدورها وأداء واجبها في تفكيك وإزالة تلك الأسلحة، إلا أن انتشارها الكبير وعزوف البعض عن الاتصال بتلك الفرق وترك الأسلحة على وضعها بين الأراضي يحول إلى نتائج سلبية، أو حتى مجرد تأخر فرق الهندسة عن الوصول إلى المكان يدفع البعض فضولهم إلى العبث بها.
اقرأ أيضًا:
بالصور.. عائلة سورية تفقد ثلاثة من أفرادها بسبب الحرب