الرحمون من المخابرات الجوية للداخلية.. النظام يريد أن يضرب بيد من حديد

بعد إعلان رئيس النظام السوري عن تعديل وزاري كبير في حكومته يوم الإثنين 26 نوفمبر 2018، كان أهم تعديل والذي كثر الجدل والاستفسار عنه، هو تعيين اللواء محمد خالد الرحمون وزيرا للداخلية بدلا من محمد الشعار.

دأب النظام السوري دائما على وضع الشخص المناسب لسياساته الخاصة في المكان المناسب، وكلما زادت حدة تلك السياسات واتساقها مع نهج النظام ارتفع وارتقى وأصبح من المقربين لدى عائلة الأسد، وهذا ما حدث مع اللواء محمد خالد رحمون.

ولد محمد رحمون في خان شيخون بريف إدلب الجنوبي في العام 1957، وانخرط في السلك العسكري، وقد تخرج في الكلية الحربية بقسم الدفاع الجوي، وتم فرزه إلى إدارة المخابرات الجوية.

وتدرج الوزير الجديد بمناصب أمنية وعسكرية في قوات الأسد منذ العام 2004، عندما تولى رئاسة قسم المخابرات الجوية في درعا، قبل ترأسه فرع المخابرات الجوية بمقره في مدينة حرستا منذ العام 2011.

وبحسب شهادات مختلفة عنه، فإنه أشرف على عمليات الاعتقال والاقتحام في مناطق حرستا وعربين ودوما وأحياء برزة والقابون، وتولى عمليات التحقيق والتعذيب التي كانت تتم في الفرع الذي اعتُقل فيه وقتل عشرات الآلاف السوريين تحت التعذيب، كما تم إجبار من تبقى من المعتقلين على دعم المجهودات الحربية من خلال إجبارهم على حفر خنادق وأنفاق بالقرب من مبنى الفرع، ويطلق على فرع المخابرات الجوية بحرستا فرع الموت. وتمت ترقية رحمون إلى رتبة لواء في العام 2017، وتسلم رئاسة شعبة الأمن السياسي، قبل تقلده منصب وزير الداخلية.

جدير بالذكر أن الرحمون يخضع لعقوبات الخزانة الأمريكية، منذ بداية العام 2017، مع 17 مسؤولًا و6 كيانات؛ لاتهامهم بقصف الغوطة الشرقية بأسلحة كيماوية.. ولاقى تعيين رحمون استياءً من معارضين سوريين، واعتبروا أن الأسد كافأ "جرائم رحمون بحق سوريين بحقيبة وزارية".

ووفقاً لشهادة خمسة معتقلين تمكنوا من الفرار من فرع المخابرات الجوية بحرستا، بحسب تقرير مركز توثيق الانتهاكات في سوريا (2013) بعنوان "رحلة الهروب من الجحيم"، فإن الفرع الذي كان يرأسه العميد محمد رحمون، قد مورست فيه فظاعات غير مسبوقة في تاريخ البشرية.

يقول العميد عبد الرزاق أصلان، قائد قوات الشرطة والأمن العام الوطني في درع الفرات لـ "أنا برس": عمل النظام السوري جاهداً منذ تولي حافظ الأسد السلطة في سوريا على "القبض على مفاصل الحياة بقوة أمنية حديدية، وظهر ذلك جلياً منذ أحداث الثمانينات، وعمل النظام على إفساد المؤسسات لتسليط قوة المخابرات والتغلغل في نواحي الحياة".

ويوضح أن "النظام السوري عمل على إفساد مؤسسة قوى الأمن الداخلي، فقد ألغى النظام منصب قائد قوى أمن داخلي وأحدثوا بدعة سياسية وظيفية، بأن يأتوا بضابط ويعطوه أقدمية ويطلقوا عليه اسم معاون وزير الداخلية"، مشيرًا إلى أن "المؤسسة اسمها قوى الأمن الداخلي أي قوات عسكرية.. وبالتالي فهي رديفة للجيش".

ويتابع: "المخابرات تقوم بزرع أشخاص لا يمتون بصلة لقوى الأمن الداخلي ويقلدونهم مناصب كبيرة للسيطرة على وزارة الداخلية التي همها الأول هو السهر على أمن الناس، أفسدها النظام السوري بتسليط المخابرات عليها التي أصبحت عبئاً على المواطن السوري أكثر مما هي خدمة للمجتمع".

وبحسب قائد قوات الشرطة والأمن العام الوطني في درع الفرات، فإن "تعيين محمد خالد الرحمون في هذا المنصب هو دليل على تسليط النظام السوري لمخابراته على أهم حقيبة وزارية وحساسة جدا، لصلتها مع الناس مباشرة، وبتعيين الرحمون بهذا المنصب يريد النظام أن يضرب بيد من حديد ولكي يمسك بزمام الأمور، ولذلك كما يعتقد أصلان اللاز ستتحول وزارة الداخلية إلى خلية مخابراتية بامتياز ولإخافة الناس". ويذكر أن اللواء محمد رحمون متزوج من سيدة تنتمي للطائفة العلوية وتنحدر من مدينة القرداحة مسقط رأس حافظ الأسد.