المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

صعوبات الحياة تُجبر أم محمد على العمل لدى من تسبب بقتل زوجها

 
   
10:03

http://anapress.net/a/225787234761983
748
مشاهدة


صعوبات الحياة تُجبر أم محمد على العمل لدى من تسبب بقتل زوجها

حجم الخط:

تستمر الثورة السورية في إبراز قصصها الإنسانية أمام العالم أجمع. ذلك انقضاء سبعة أعوام على انطلاقها امتزجت خلالها قصص مفقودي الحرب وذوّي الاحتياجات الخاصة وملف اللاجئين الذي شغل العالم، وغيرها من الأمور.

ولعل قصّة "أم محمد" زوجة أحد شهداء فصائل المعارضة الذي قُتل في إحدى المعارك ضد قوات الأسد في ريف حمص الشمالي تُسلّط الضوء على ما تعانيه الاف الأرامل في داخل سوريا.

بعد أن غاب مُعيل الأسرة الوحيد عنها في العام 2013 تاركاً وراءه خمسة أطفال أكبرهم محمد  11عاماً وأصغرهم "شذا" التي كتب لها القدر أن تولد بعد وفاة والدها بستة أشهر، ما ضاعف من مآسي وضيق الحياة لدى زوجته التي لم تترك سبيل إلا وطرقته تنشد إعالة أطفالها الخمسة بعيداً عن أبواب الجمعيات الإغاثية والمنظمات التي لم يعد بوسعها تلبية احتياجات ذوي القتلى نظراً لازدياد اعدادهم مع استمرار المعارك والقصف والحصار الذي تتعرض له المناطق الخارجة عن سيطرة قوات الأسد.

بعد وفاة زوجها أصرّت أم محمد على البقاء في منزلها الكائن في أحد الأحياء الجنوبية لمدينة تلبيسة لتربية أطفالها في مدينة حرمتها من زوجها وكتبت عليها أن تواجه مرارة الحياة وحيدة على الرغم من التفاف بعض الأقارب حولها وحول أطفالها في الوهلة الاولى، لكن سرعان ما عاد كل منهم لممارسة بعض أعماله وانشغل عنها أقرب الناس إليها بحسب ما قالت خلال لقاء أجرته "أنا برس" معها.

تحدثت أم محمد وفي عينيها دموع حاولت جاهدة إخفائها، عن أن ظروف الحياة المعيشية أجبرتها على العمل في الدكان الذي كان يعمل به زوجها "نوفتيه" لفترة محدودة بعد خروجها من "العدة" لتفاجئ بغياب الزبائن الذين أصبح آخر همهم أن يقبلوا على شراء الملابس والعطورات وبعض مستحضرات التجميل لنسائهم بسبب ضيق الحال آنذاك، قبل أن يفاجئها الطيران الحربي باستهداف منزلها البسيط بإحدى الغارات التي تسببت بتدميره بشكل شبه كامل أثناء زيارتها لأحد الأقرباء.

 أليس من العار أن أعمل كالخادمة في مناطق الأسد وزوجي قدم أغلى ما لديه ساعياً لإسقاطه؟

وتضيف: أضطررت بعد تدمير منزلي لاصطحاب أبنائي والذهاب إلى إحدى القرى الواقعة في ريف حماه الجنوبي التي لجأ إليها أهلي هرباً من القصف والحرب الدائرة في مدينة تلبيسة، لتلاحقنا بعد فترة خمسة أشهر المعارك والاشتباكات، التي بدأت معها قصة نزوحي ولجوئي إلى المناطق التي تُسيطر عليها قوات الأسد "التي تسببت بفاجعتي الأكبر مقتل زوجي".

"وبالفعل استأجرت أحد المنازل وبدأت أتأقلم على العيش معتمدة على دكان صغير أكسب من وراءه قوت يوم أطفالي من خلال بيع الحلويات والسكاكر لطلاب المدرسة المقابلة للدكان، متغاضية عن المضايقات الكبيرة والأسئلة المتكررة التي توجهها دوريات الأمن عن سبب قدومي وتركيزهم على سؤالي: أين زوجك؟ هذا السؤال الذي دربت أبنائي جيداً للرد عليه بأنه سافر إلى لبنان ولم نعد نسمع عنه أي خبر كان".

وتتابع: بعد مضي نحو العام تعرفت على إحدى المعلمات في المدرسة المقابلة، وكانت دائماً ما تتردد علي وتحاول التعرف على قصتي، لتقوم بعد فترة بالتحدث إلى مدير المدرسة ليقبل بأن اعمل "أذنة" داخل المدرسة أنظف الصفوف و أقدم لهم الشاي والقهوة مقابل راتب شهري عبارة عن تبرع من المدرسين، وبالفعل قبلت العمل بحرقة قلب كانت تنتابي كلما تذكرت ما كان يخبرني به زوجي المتوفى عن مستقبل حياتنا بعد تنحى واسقاط الأسد، الأمر الذي يعتصر مرارة بقلبي كلما توجهت لفتح أقفال المدرسة والبدء بخدمة أولئك المدرسين.

لن أتكبر على عمل "تقول أم محمد" لكني لم أعتد أثناء زواجي على العمل وكان زجي يوفر لي كل متطلباتي التي احتاجها، بل لم يكن يقبل بخروجي لدكان الخضرة "لكن قدر الله وما شاء فعل" حاولت التواصل مع مكاتب كفالة الأيتام لكن إجاباتهم كانت حاضرة بشكل دائم بأن "من يقيم في مناطق سيطرة الأسد لا كفالة له لدينا"، أتقبل ما يقومون به لكن أليس لأطفالي حقوق مثل بقية أطفال الشهداء؟ أليس من العار أن أعمل كالخادمة في مناطق الأسد وزوجي قدم أغلى ما لديه ساعياً لإسقاطه؟ أنا لم أطرق باب أي موظف أو جمعية اغاثية بداعي "الشحادة" لكن هل من المعقول أنهم لا يعرفون ما يحيط بنا كنساء "أرامل" من مآسي وصعوبات بالحياة يعجز عنها الرجال في زمننا هذا؟.

وتختتم حديثها بالقول: إن ما يُعزيني هو رؤية الكثير من النساء اللآتي فقدن أزواجهن خلال الحرب في سوريا وضعهم ربما يكون أصعب من وضعي ويفعلون المستحيل للحصول على كفالة أو جهة ترعاهم وتدعمهم بمبالة مالية شهرية إلا أنهم لم يحصلوا على شيء البتة، وهو ما ولّد لدي الإصرار على المضي بحياتي كما اعتدها مجبرة للأسف، مشيرة إى أنه تتعمد المجيئ إلى مدينة تلبيسة كلما أتيحت لها الفرصة للوقوف على أطلال منزلها المدمر مستعيدة بعض الذكريات التي تساعدها على البقاء، ومن ثم تعمل على زيارة من تبقى من اهلها لتعود سريعاً إلى مدينة حمص حاملة في طياتها ذكريات لا تنسى على أمل العودة يوماً إلى منزلها بعد انتهاء ما آلت إليه الأمور في سوريا.




معرض الصور