http://anapress.net/a/801078761340696
على رغم الحفاوة التي استقبل بها المصريون السوريين الذين أتوا إلى بلادهم في ظل رحى الحرب الدائرة في سوريا منذ العام 2011، ومع حضور السوريين بشكل لافت في المجتمع المصري من خلال مشاريعهم وأنشطتهم الاقتصادية المختلفة التي عادة ما كانت تُقابل من جانب المصريين باحتفاء وترحيب، إلا أنه يمكن خلال الفترة الأخيرة ملاحظة "خطاب تصعيدي" عبّرت عنه العديد من الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبنته تقارير إعلامية من بينها تقارير لصحف "مرموقة" من بينها صحيفة اليوم السابع قريبة الصلة من السلطات المصرية.
يمكن ملاحظة ذلك الخطاب التصعيدي ابتداءً من شائعة احتفال سوريين بالقاهرة بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغاون وما قيل عن توزيعهم الحلوى احتفالًا بتلك المناسبة، وحتى شائعات ملاحقة الأمن المصري لعدد من السوريين وترحيلهم بناءً على ذلك، وهي الشائعات التي كشفت "أنا برس" حقيقتها في تقرير سابق. (للإطلاع عن نص التقرير هنـــــا).
ومع الترويج لخبر دعوة النظام السوري لعودة مواطني سوريا الذين فروا من نيران الحرب إلى العودة من جديد إلى سوريا، تم رصد العديد من التعليقات "المسيئة" للسوريين، على مواقع التواصل، في نفس الوقت الذي تصاعدت فيه شائعات احتفال سوريين بفوز أردوغان.
نماذج لتغريدات مسيئة للسوريين
القانوني المختص بالشأن السوري المحامي يوسف المطعني قال لـ "أنا برس"، إن هنالك جهات تقصد من وراء تلك الشائعات الإساءة للسوريين، وتحقيق مكاسب خاصة. بينما لم يتم استبعاد أن تكون وراء تلك الحملات أهداف استخباراتية.
وكنماذج على الخطاب التصعيدي والمحرض ضد السوريين يمكن الاستدلال بمقال مدير تحرير صحيفة اليوم السابع المصرية دندراوي الهواري الذي قال فيه "يجب من المجتمع المصرى وقبل المؤسسات المعنية الرسمية، أن يضع عينيه على تصرفات بعض اللاجئين فى مصر، سواء كانوا سوريين أو يمنيين أو غيرهم، ومنع محاولة أى منهم المشاركة فى دعم جماعات أو حركات فوضوية تعمل على تأجيج الشارع المصرى، وترحيل كل من يدعم ويناصر أعداء مصر، وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان وتميم بن حمد (أمير قطر)".
وقال أيضًا: "ولا يجب أن يكونوا (اللاجئون السوريون) أرقاما فى معادلة الهدم والخراب للأوطان التى آوتهم، وانطلاقا من هذا المفهوم، نطرح السؤال التالى: كيف لشخص هارب من نيران حرب الخراب والدمار المندلعة فى بلاده، أن يطالب شعبا آخر باستنساخ نفس السيناريو التخريبى وتطبيقه فى وطنهم، بدلا من أن يقدم لهم النصيحة المخلصة، بعدم الانزلاق فى مستنقع الخراب والدمار؟!"، وفق قوله.
ومن بين نماذج الخطاب التصعيدي كذلك ما جاء على لسان الإعلامي حاتم نعمان في برنامجه "حكاية وطن" عبر قناة ltc، والذي زعم فيه أن السوريين يشكلون خطرًا على الامن القومي؛ لأنه "يوجد إخوان سوريون يعملون في تغيير العملات، ويهددون المصريين، ويعاملونهم معاملة سيئة". وقال أيضًا إن "الإخوان يستخدمون السوريين في غسيل الأموال". (اقرأ المزيد: "معول هدم".. كاتب مصري يحرض على السوريين).
وفي سياق ذلك الخطاب، دخلت صحيفة الأخبار الرسمية على الخط، بتقرير ذكّرت فيه بـ "كرم الضيافة" الذي قدمه المصريون للسوريين في مصر، نشر في السادس من تموز (يوليو) الجاري.
وفي تصريح مقتضب لـ "أنا برس" من القاهرة، ذكر مصدر دبلوماسي "سابق" -رفض ذكر اسمه- أن مصر لا تتعامل مع اللاجئين السوريين باعتبارهم لاجئين، فهي لم تقم لهم مخيمات أو غير ذلك، فهم أهلنا واندمجوا في المجتمع المصري بسرعة، ولا تعدو مسألة انتقاد ممارسات بعض السوريين تعبيرًا عن التوجه العام للدولة، بخاصة أنه "لا يوجد حتى اللحظة إجراء رسمي يدعم تلك التوجهات التي تعبر عنها بعض التقارير الإعلامية".
ذلك التناول المثير للجدل بخصوص اللاجئين السوريين في مصر، وإن لم تتبعه أية خطوات أو إجراءات رسمية يمكن الاستناد إليها، إلا أنه دون شك يلقي بقلق في نفوس الكثير من السوريين، وهذا ما أكده أحد المسؤولين في إحدى الجمعيات السورية بمصر –رفض ذكر اسمه- عندما قال إن هنالك الكثير من الشائعات التي تحيط بالسوريين في الفترة الأخيرة، والتي اعتبرها من الممكن أن تكون "عملية جس نبض" أو "مساومة" على وضع السوريين في مصر، بخاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب في مصر، فقد تطمح مصر في تحصيل بعض المساعدات من الجهات المعنية بوضع اللاجئين وبالتالي تساوم بتلك الورقة.
لكنه شدد في الوقت ذاته على كون السوريين يسهمون بقوة في الاقتصاد المصري من خلال مشاريعهم واستثماراتهم، وأنهم "ليسوا عالة على أحد"، وأن هنالك علاقات وطيدة تربطهم مع الإخوة المصريين، ولا يعملون بالسياسة كما يحاول البعض أن يوصمهم أو يجد مدخلًا للهجوم عليهم.