http://anapress.net/a/77583089263558
في مدينة السادس من أكتوبر المصرية، والتي تشهد تواجدًا مكثفًا للسوريين الفارين من جحيم نيران الحرب في بلادهم، لا صوت يعلو خلال الساعات القليلة الماضية فوق صوت الجدل المثار حول الأنباء التي ادّعت تنظيم سوريين احتفالات واسعة بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الأخيرة في المدينة، وكذا الأنباء المتعلقة بنذر ملاحقات أمنية قد تطول بعضهم، ولسان حالهم يسأل: "أين كانت تلك الاحتفالات التي لم نرها؟".
المقال الذي نشره الكاتب الصحافي المصري دندراوي الهواري في صحيفة اليوم السابع المصرية أخيرًا، والذي زعم فيه أن السوريين احتفلوا علانية بفوز أردوغان ووزعوا الحلوى احتفاءً بذلك الفوز في مدينة السادس من أكتوبر، انتشر بصورة كبيرة عبر مواقع التواصل، وقد حمل المقال هجومًا واسعًا على السوريين في مصر، من بين ما جاء فيه: "كيف لشخص هارب من نيران حرب الخراب والدمار المندلعة فى بلاده، أن يطالب شعبا آخر باستنساخ نفس السيناريو التخريبى وتطبيقه فى وطنهم، بدلا من أن يقدم لهم النصيحة المخلصة، بعدم الانزلاق فى مستنقع الخراب والدمار؟!"، وفق قوله.
يقول أبو طارق (اسم حركي) وهو أحد السوريين العاملين والمقيمين في مدينة السادس من أكتوبر، إنه لو ثبتت تلك الاتهامات التي ساقها البعض، فأين الصور التي تثبت تلك "التظاهرات الاحتفالية" كما قال وصفها البعض؟ (اقرأ أيضًا: "معول هدم".. كاتب مصري يحرض على السوريين).
ويتساءل: "إذا كان السوريون قد نظموا تلك الاحتفالات، فلماذا لم تقم قوات الأمن المنتشرة في المدينة بإلقاء القبض عليهم مباشرة، في ظل قانون التظاهر؟"، مردفًا: "لم يحدث شيئًا من ذلك.. السوريون يعرفون حدودهم، ولا يقومون بأي نشاط سياسي.. ولا نعرف لماذا تُثار تلك الشائعات".
المحامي المصري المختص بالشأن السوري وقضايا السوريين في مصر يوسف المطعني، يقول إن ما أثير حول احتفالات السوريين في مدينة السادس من أكتوبر بفوز أردوغان "شائعات وأخبار كاذبة" أطلقها مجموعة من الرافضين لوجود السوريين في مصر، والذين يريدون بعث رسائل مُعينة أو كتابة "سبق صحافي".
ويتابع: "لقد قمت بنفسي بالتحري في الأمر، ولم أجد دليلًا واحدًا على ذلك.. لم يحدث أي احتفال، وهذا لا يمنع وجود سوريين أو يمنيين أو مصريين فرحوا بفوز أردوغان في قرارة أنفسهم، لكن إلصاق الأمر بالسوريين مقصود به رسائل معينة، فهناك من هو حاقد على السوريين وهناك من المستلقين، وكذا من يريد افتعال سبق صحافي، أو إرسال رسائل بعينها من بينها رسائل استخباراتية، وغير ذلك".
ويستطرد: "أنا نفسي إذا عرفت أن هناك سوريين يحتفلوا بهذا الشكل، لكنت قد منعتهم.. في وقت سابق وقف ضد أي منهم ممن يريد المشاركة في اعتصام رابعة"، ذلك على اعتباره محام مختص بالشأن السوري وتجمعه علاقات طيبة بالسوريين.
ويقول المحامي المصري، في تصريحات خاصة لـ "أنا برس" من القاهرة: "لم يحتفل أي سوري احتفالًا علنيًا بفوز أردوغان كما أشيع.. ربما يكون هناك تعاطف، لكن لم يحدث أي احتفال علني، وإلصاق تلك التهمة كلام لا دليل عليه، حتى أن الأمن المصري لم يكن ليسكت أمام هذا الأمر الذي لا يعدو سوى شائعات مغرضة تخرج من آن لآخر ضد السوريين في كذب وافتراء بيّن عليهم".
وكشف المحامي السوري عن كونه يدرس مسألة مقاضاة وسائل الإعلام التي نشرت تلك الشائعات، قائلًا: "أبحث جديًا التحرك ضد الصحف التي كتبت في هذا الموضوع وأن أتصدى إليها".
بعد نشر مقال دندراوي الهواري أخيرًا، تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن تحرك أجهزة أمنية مصرية لترحيل سوريين متهمين بتنظيم احتفالات بفوز أردوغان.
وتجمع القاهرة وأنقرة خلافات حادة، مبنيّة في الأساس على موقف السلطات المصرية الحاد المناهض للجماعات والفصائل الإسلامية وفي القلب منها جماعة الإخوان، وتتهم السلطات المصرية نظيرتها التركية بنسج المؤامرات لمصر ودعم "جماعات إرهابية".