تراجع بقيمة الليرة السورية.. وخبراء ينذرون بتداعيات أكثر حدة

يبدو أن انشغال النظام السوري بالعمليات العسكرية أخفى الكثير من معالم الأزمات التي يعيشها.. ومع انكفاء العمليات العسكرية، أصبح النظام أكثر انكشافًا، وأكثر هشاشة أمام أية أزمة تطرأ عليه.. أزمة اقتصادية حادة يمر بها النظام السوري حاليا.. وانكشفت بشكل واضح مع مسألة الوقود.

شهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعات ملحوظة خلال الأيام الأخيرة وتخطت في دمشق عتبة 570 ليرة سورية وسط حالة ترقب واسعة لاتجاه سعر صرف الدولار أمام الليرة.

ويؤثر انخفاض قيمة الليرة بشكل كبير على أسعار الكثير من المنتجات ما سيزيد العبء على ذوي الدخل المحدود سواء في مناطق سيطرة النظام أو مناطق الشمال السوري وبدا الانعكاس واضحاً بشكل فوري على المواد المستوردة من الخارج.

تغيرات حادة

وحول أسباب الارتفاع الحاصل على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، عزا رئيس قسم الاقتصاد في جامعة دمشق عدنان سليمان -في تصريحات نقلتها صحيفة الوطن الموالية- هذه الأسباب إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظام الأسد وتحديداً في قطاع الطاقة، وإلى الطلب الداخلي على القطع الأجنبي اللازم لتمويل الاستيراد، وكذلك توجه الأثرياء نحو العملة الصعبة نظراً للقلق العامّ من الأوضاع التي تشهدها البلاد وتحسُّباً لتغيرات مستقبلية قد تخفض من قيمة الليرة.

ويرجح حدوث انهيار كبير بقيمة الليرة السورية لمستويات غير مسبوقة في حال وقع الكونغرس الأمريكي قانون "قيصر" الذي يحتم على رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب فرض عقوبات على كل مَن يتعامل مع نظام الأسد.

وإلى ذلك، يقول الأكاديمي السوري د.عماد الدين الخطيب: منذ بداية الثورة وانطلاقتها في العام 2011 والصراع في سوريا اعتمد النظام في سياسته الاقتصادية ما يعرف باسم اقتصاد الحرب والاقتصاد المغلق والاعتماد على المساعدات والمعونات من الدول التي دعمته ووقفت الى جانبه وفي مقدمتها إيران والتي تنطلق من مصالح خاصة تختلف عن باقي الحلفاء.

داعم وحيد

ويوضح الخطيب لـ "أنا برس" أنه مع تقهقر الدخل القومي وانحسار قطاع السياحة وتقلص قطاعي النفط والصناعة بدأت الليرة السورية بالانهيار مقابل الدولار لاسيما مع انخفاض رصيد البنك المركزي من العملات الأجنبية، ومع تشديد الحصار الاقتصادي على سوريا بدأت تظهر ضعف مقومات اقتصاد الحرب باعتماده على حليف وحيد.

ويتابع: إيران الداعم الاقتصادي الوحيد للنظام هي اليوم في مآزق تنعكس آثارها بشكل مباشر على سوريا، وذلك بعد إلغاء ترمب للاتفاق النووي وفرض العقوبات الاقتصادية على إيران ولاسيما مع تشديدها مؤخرا للوصول إلى صادرات نفطية إيرانية صفر كل ذلك انعكس على الوضع الاقتصادي السوري. بحسب الخطيب

حالة شعبية غير مستقرة

واعتبر الخطيب أن أزمة المحروقات خير دليل على الأزمة الاقتصادية التي تشهدها اليوم سوريا من خلال منع وصول البنزين الإيراني من خلال قناة السويس نتيجة الضغط الأمريكي والذي أدى لتضخم هائل في الأسعار في سوريا وانعدام القوة الشرائية ومحاولة أصحاب رؤوس الاموال تهريب بعض أموالهم للخارج كل ذلك أدى لانهيار متسارع في الليرة السورية مقابل الدولار. (اقرأ/ي: مصر توضح حقيقة إغلاق قناة السويس أمام السفن المتجهة إلى سوريا)

ويختم الخطيب حديثه قائلا: اليوم الكل يتطلع وينتظر توقيع الرئيس الامريكي على قانون سيزر الذي تم إقراره من الكونغرس وحينها ستبدأ الليرة السورية بالانهيار الشديد وقد تتضاعف عما هي عليه اليوم وهذا قد يخلق حالة شعبية غير مستقرة في صفوف مؤيدي النظام وقد يدفعهم للانقلاب على الأسد ونظامه.

احتكار الاستثمارات

وبدوره يرى الخبير والمستشار الاقتصادي يونس الكريم، أن الليرة السورية حاليا تعكس الواقع السياسي، وتعيش نفس مراحل التخبط السياسي، والليرة السورية حاليا بأسوأ أوضاعها.. والأزمات المتلاحقة التي يعيشها النظام ألقت بظلالها على سعر صرف الليرة الذي يتدهور بشكل متسارع وملحوظ.

ويوضح الكريم أن الصراع الروسي الإيراني على شراء الاستثمارات السورية، جعل المستثمرين العرب والأجانب يبتعدوا عن الاستثمار في سوريا، إضافة إلى أن هذه الاستثمارات هي مقابل ديون سابقة ما جعل القيمة الشرائية لليرة السورية بأدنى مستوياته.

مستقبل الليرة السورية

وحول مستقبل الليرة السورية، وإلى أي مدى يمكن أن تنخفض يقول الكريم لـ "أنا برس" إن الانخفاض له شقين، شق اقتصادي وشق سياسي، بالنسبة للشق الاقتصادي  فالأمور مرجحة نحو التضخم المتوحش أو الانفلات أو خروج الليرة السورية من التداول.

أما بالنسبة للشق السياسي فيعتقد المستشار الاقتصادي بأن المجتمع الدولي سوف يعمل على الحفاظ على الليرة السورية على أدنى مستوياته، منوها بأن هناك حدود لليرة السورية لن يسمح بها المجتمع الدولي للوصول إليها.. منعا لانهيار الليرة وحصول مجاعات وكوارث إنسانية وحملات لجوء إلى دول الجوا.. لذلك سوف يعمد النظام العالمي على إيقاف التضخم لسعر عند 600 ليرة.