المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

إيران.. رهانات "الكروت الأخيرة"

 
   
12:11

http://anapress.net/a/217707967031337
614
مشاهدة


إيران.. رهانات "الكروت الأخيرة"
سيناريوهات مفتوحة بين أمريكا وإيران- أرشيفية

حجم الخط:

تحت وطأة الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية على إيران، ومع ارتفاع حدة العقوبات المتواصلة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي (المبرم في 2015 مع الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة لألمانيا حول برنامج إيران النووي) في مايو/ آيار  2018، فإن النظام الإيراني لا يزال يراهن على الكروت الأخيرة التي يُمكنه "مُلاعبة الولايات المتحدة بها" ومواجهة آثار العقوبات، وكذا محاولة الالتفاف عليها.

العقوبات بدأت في حزمتها الأولى في شهر أغسطس/ آب 2018  وركزت على القطاعات المالية والتجارية والصناعية، وشملت حظر تبادل الدولار مع الحكومة الإيرانية، إضافة لحظر التعاملات التجارية المتعلقة بالمعادن النفيسة، بخاصة الذهب، وفرض عقوبات على المؤسسات والحكومات، التي تتعامل بالريال الإيراني أو سندات حكومية إيرانية، وغير ذلك. وفي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني بدأ سريان الحزمة الثانية من العقوبات والتي ضمت عقوبات على أكثر من 600 شخص وشركة في إيران، إضافة إلى عقوبات أخرى تشمل صادرات النفط الإيراني، وذلك قبل أن تعلن الولايات المتحدة في أبريل/ نيسان 2019 عن استراتيجيتها الخاصة بتصفير النفط الإيراني، قبل أن تتوالى العقوبات لتضيق الخناق بصورة أكبر على إيران.

برزت آثار تلك العقوبات بشكلٍ واضح على إيران من الداخل، وانعكس ذلك بصورة أساسية على الاقتصاد، فقد دفعت العقوبات إيران لتخفيض صادراتها أكثر من أي وقت مضى، كما توقفت –منذ تطبيق الحزمة الحزمة الثانية وقبل إعلان الولايات المتحدة عن قرار تصفير النفط الإيراني- أكثر من 20 دولة عن استيراد النفط الإيراني بالكامل.

وأدرجت إدارة ترمب أكثر من 970 كياناً وفرداً إيرانياً على لائحة العقوبات، وفرضت عقوبات على أكثر من 70 مؤسسة مالية مرتبطة بإيران وشركاتها التابعة الأجنبية والمحلية. ومن ثمّ فقد الريال الإيراني ثلثي قيمته على وقع العقوبات، وبلغ التضخم مستوى غير مسبوق قدره 40%، كما تراجع إجمالي التجارة الإيرانية بحوالي 25%، وذلك فيما عُرف بـ "حملة الضغط الأقصى على إيران"، طبقاً لما أعلنه وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها.

مسكنات

"حاول النظام الإيراني أن يبعث بمسكنات داخلية علّه يجد حاضنة شعبية تقوي موقفه في مواجهة الولايات المتحدة، لكنّ تلك المسكنات المتمثلة في تصريحات تُقلل من حجم تداعيات القرارات الأمريكية وتكشف عن استراتيجيات إيرانية للتعامل مع تلك العقوبات، فشلت في أن تجد صدى مناسب"، طبقاً لما أجمع عليه باحثون مختصون في الشؤون الإيرانية في تصريحات متفرقة لـ "أنا برس" في هذا التقرير.

 الآلية المالية" هي بمثابة المنقذ المرحلي للاقتصاد الإيراني
 

المُسكنات الداخلية تزامنت وقرارات وسياسات أخرى يسعى النظام الإيراني من خلالها إسقاط فاعلية العقوبات أو الحد من أثرها، فبدأ بالتعاون مع الاتحاد الأوربي (الرافض لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يتعلق بإيران)  وتم العمل على آلية أو قناة مالية يُمكن من خلالها للأوربيين وإيران التحايل والالتفاف على العقوبات الأمريكية، لكنّ تلك الآلية لم طريق التنفيذ حتى اللحظة لخلافات حول أهدافها، ففيما تطرح أوروبا معادلة "النفط الإيراني مقابل الغذاء الأوربي" يرفض نظام ملالي طهران ذلك ويود توسعة عمل الآلية المالية لتشمل القطاعات كافة.

وعلى اعتبار أن "الآلية المالية" هي بمثابة المنقذ المرحلي للاقتصاد الإيراني، ومع تعطلها بسبب الخلاف بين الجانبين، فإن إيران لجأت لمحاولة "إنذار" الاتحاد الأوربي بطريقة عملية، وذلك من خلال إعلانها منتصف الأسبوع الجاري عن إيقاف العمل ببعض نصوص الاتفاق النووي (5+1) ومنحت مهلة 60 يوماً للأوربيين لتأمين مصالح إيران في قطاعي النفط والبنوك ومن ثم تفعيل الآلية المالية الجديدة.

خطوة استباقية

"خطوة سياسية استباقية أقدمت عليها إيران في محاولة لوضع الكرة في ملعب الاتحاد الأوربي.. فإيران تدرك جيداً أن الأوربيين (الذين أعلنوا عن رفضهم للإنذار الإيراني، وذلك في بيان صادر عن المفوضة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية ووزراء خارجية كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لا يستطيعون فرض عقوبات عليها، على اعتبار أنه من ضمن بنود الاتفاق النووي ألا يلجأ الاتحاد الأوربي لفرض عقوبات على إيران إلا بقرار من الأمم المتحدة، ووجود روسيا والصين كحليفين لإيران يعرقل حدوث ذلك عملياً"، طبقاً لما يؤكده الباحث والخبير في الشؤون الإيرانية علاء السعيد في تصريحات خاصة.

ويشدد السعيد على أنه "من خلال تلك الخطوة السياسية الاستباقية، فإن إيران تحاول الضغط على أوروبا من أجل ضمان تنفيذ الآلية أو القناة المالية الجديدة لإنقاذ اقتصادها والالتفاف على العقوبات الأمريكية.. ولربما تراهن أيضاً على مسألة فتح حوار مع الإدارة الأمريكية خلال مهلة الـ 60 يوماً التي أعلنت عنها مؤخراً".

يدعم ذلك أيضاً ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حديث للصحافيين الخميس الماضي، عندما أكد الانفتاح على مسألة الحوار مع إيران. وطبقاً لـ CNN فإن ترامب أكد على أنه "يرغب في أن يتصل به الإيرانيون" وأضاف أن وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، كان أخبر الإيرانيين بأنه لا ينبغي عليهم "الاتصال" به، وقال إنه يرى "أنه ينبغي عليهم الاتصال، وإن فعلوا نحن مستعدون لعقد محادثات معهم".

 خطوة إيران الأخيرة هي بمثابة كارت من كروت الرهان الإيرانية للتغلب على أثار العقوبات
 

خطوة إيران الأخيرة هي بمثابة كارت من كروت الرهان الإيرانية للتغلب على أثار العقوبات وتداعياتها المتفاقمة. كما لا يخفى أن "طهران تراهن على عامل الوقت، حتى الوصول إلى العام 2020، فلربما تأتي الانتخابات الرئاسية في أمريكا برئيس آخر بخلاف ترامب، تكون له توجهات أكثر مرونة من إيران وسياسات مختلفة عن سلفه"، طبقاً لما يؤكده المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث في القاهرة هاني سليمان،ا لذي يشير إلى أن إيرادات إيران من النفط تقلصتبحوالي من 10 إلى 15 مليار دولار منذ فرض العقوبات الأمريكية، على اعتبار أن تلك العقوبات هي الأكثر تأثيراً على الاقتصاد الإيراني مقارنة بما تعرضت إليه طهران من عقوبات في فترات سابقة.

من بين الكروت أيضاً التي تراهن عليها إيران في محاولة التغلب على آثار العقوبات الأمريكية، ما يتعلق بتأمين نفسها مع دول أخرى حليفة كالروس والصين، فضلاً عن ضمان ولاء دول أخرى لتأمين احتياجاتها مثل العراق، وهو ما تجسد مؤخراً في زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى العراق، وهي الزيارة التي حاول من خلالها التأكد من موقف العراق من مسألة العقوبات، طبقاً لما يؤكده الباحث في الشؤون الإيرانية محمد علاء الدين، الذي قال إن العراق قد يمثل شريان الحياة بالنسبة للاقتصاد الإيراني في مثل تلك الظروف.

العراق من جانبه لم يخيب آمال الإيرانيين، وراح يؤكد على أنه "ليس ضمن منظومة العقوبات الأمريكية على إيران" طبقاً لما أعلنه رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي أكثر من مرة.

العصا والجزرة

ولا يعتقد المحلل السياسي الإيراني المعارض محمد المذحجي بأن ثمة اختلاف بين الموقفين الأوربي والأمريكي، فهو ينظر إلى المسألة برمتها بكونها سياسة تبديل أدوار و"العصا والجزرة"، فأمريكا التي تمثل هنا في تلك المعادلة "العصا" تفرض عقوباتها على إيران للضغط عليها والاتحاد الأوربي "الجزرة" التي تستميل إيران وتجني من ورائها مكاسب اقتصادية. ومن ثم فهو يقلل من إمكانية عثور طهران على حليف يمكنها من خلاله الالتفاف على العقوبات الأمريكية.

وبدوره، فإن أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور حسن هاشميان، لا يعتقد بأن إيران ستنجح محاولاتها في الالتفاف على العقوبات وأثارها، ومن ثمّ فهو يوجز السيناريوهات القادمة في سيناريوهين اثنين؛ الأول: أن تتنازل إيران عن موقفها وأن ترضخ للولايات المتحدة الأمريكية، والثاني: أن تواصل تلك السياسات وتتحدى الولايات المتحدة والعالم، ومن ثمّ سيكون النظام الإيراني على المحك في ضوء الأوضاع الداخلية المضطربة التي تنذر بتوسع الاحتجاجات الداخلية ضد النظام.

وأمام تلك السيناريوهات، تبزغ مخاوف أخرى من الانجرار لتدخل عسكري، ففي الوقت الذي تصعد فيه طهران من نبرتها العدائية، حذرت الولايات المتحدة من قيام إيران أو أي من وكلائها باستهداف أي من المصالح الأمريكية، حتى أن الرئيس الأمريكي قال صراحة: "لا يمكن أن نستبعد مواجهة عسكرية مع إيران" في تصريحات للصحافيين يوم الخميس الماضي تناقلتها عدد من التقارير الإعلامية العربية والمحلية.

 




كلمات مفتاحية