المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

مسؤولية النظام عن تدمير آثار سوريا

 
   
16:55

http://anapress.net/a/126874173304694
651
مشاهدة



حجم الخط:

الجعفري يهدي دي مستورا قطعة أثرية 

"الجعفري يهدي دي مستورا قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام".. خبر أثار الكثير من الجدل بالأوساط السورية، على اعتبار أن سفير النظام لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قد فرّط في قطعة أثرية تعود إلى موقع "مملكة إيبلا" قرب بلدة تل مرديخ شرق مدينة إدلب، لإهدائها إلى الوسيط الأممي ستافان دي ميستورا.

تعيد تلك الواقعة إلى الواجهة وقائع وعمليات التفريط في الآثار السورية، سواء بتدميرها خلال سنوات الحرب على يد النظام أو الجماعات المسلحة وفي القلب منها تنظيم داعش، أو عمليات النهب والسرقة التي تعرضت إليها الآثار السورية.

تعرضت الخارطة الأثرية والتراثية في سوريا لحالات نهب وتدمير مباشر جراء العمليات العسكرية والأمنية التي قامت بها السلطة الحاكمة في سوريا في محاولتها لقمع الثورة السورية، وطال التدمير والنهب كل الإرث التاريخي من متاحف وقلاع وتلال ومساجد وأسواق ومدن منسية مغرقة في القدم، وبدأت المزادات العالميّة بتداول القطع الأثريّة الأصلية، والنادرة في الأسواق العالمية.

وحمّل تقرير سابق نُشر في العام 2015 وصادر عن النشرة الأمريكية المتخصصة "الشرق الأوسط للآثار" الصادرة عن جامعة دارتموث الأمريكية، النظام السوري مسؤولية تدمير الآثار في سوريا بنسبة 22.9%، مقابل42.7% في المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش.

كانت سوريا تزخر بمناطقها الأثرية التاريخية، وقد صنفتها الأمم المتحدة كواحدة من أكبر مخازن الآثار في العالم. وأدرجت اليونسكو ستة مواقع سورية على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء (دمشق القديمة، وحلب القديمة، وقلعة المضيق وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثرية في الشمال).

تحولت بعض المواقع الأثرية إلى ساحة معارك، بسبب الاشتباكات العنيفة التي دارت وتدور رحاها في مناطق تتواجد بها، ما أضرّ  بمبانٍ تاريخية وقلاع أثرية ثمينة، فالتهمت النيران مئات من المحال الأثرية في أسواق حلب القديمة، وتدمّرت مئذنتا الجامع الأموي في حلب والجامع العمري في درعا، وتضررت قلعتا الحصن والمضيق، وكنيسة أم الزنار وكنائس أخرى في حمص.

وتأذّت الكثير من المباني القديمة في حمص وحلب ودرعا، كما أصابت أضرار سطحية نقاطاً محددة من الجدار الداخلي لواجهة معبد بل الغربية وتضررت بعض أعمدة المعبد جراء إصابتها بشظايا.

أضرار جمّة

في حلب، أدت المعارك المستمرة لشهور بين النظام وقوات المعارضة إلى تدمير مئذنة "الجامع الأموي" الذي يعرف أيضا بـ "جامع حلب الكبير"، وهو أيضا ضمن لائحة التراث الحضاري لليونيسكو.

ولم تتردد القوات السورية في ضرب المباني التاريخية في حلب، حيث تنتشر المئات من بقايا المدن الرومانية والمباني القديمة ذات الجدران السميكة، بذريعة أن عناصر من الجيش الحر يتمركزون خلفها، بحسب شهادات توردها "أنا برس" في ذلك التقرير.

  جيش النظام كان يتخذ مواقع له داخل المواقع الأثرية وبصفة خاصة في القلاع القديمة
  إبراهيم الإدلبي

 كما دمرت أجزاء من الجامع الأموي في المدينة، والمبني في موقع لمعبد روماني سابق وكاتدرائية بيزنطية في حلب ويعد من أهم المعالم السورية والإسلامية في العالم، وقد أدرجت منظمة اليونسكو المسجد الذي يعود تاريخ بنائه إلى عصور الإسلام الأولى، كما تعرض سور قلعة حلب الأثرية لدمار جزئي نتيجة قصف قوات النظام الذي كان يستهدف نفقاً في العام 2015.

وأظهرت لقطات فيديو بثت على الإنترنت التهام النيران لأكثر من 700 محل تجاري في سوق المدينة الذي يرجع إلى العصور الوسطى والمدرج على قائمة اليونيسكو لمواقع التراث العالمي عام 1986.

كشف قاضي سوري منشق عن نظام بشار الأسد، عن معلومات لديه بخصوص واقعة سطو من جانب النظام السوري على مقتنيات أثرية في سوريا مع بدء الأزمة في العام 2011.

يقول القاضي المنشق المستشار القانوني حسين حمادة (رئيس اللجنة الإدارية في الهيئة السورية للعدالة والإنقاذ الوطني)، في تصريح خاص لـ "أنا برس"، إن لديه معلومات خاصة حول وقائع سطو النظام على الآثار في  متحف حلب في العام 2011، وكان أخوه –أي أخو القاضي المنشق- شاهدًا على تلك الواقعة باعتباره كان يدير المتحف في حينها.

وفي تفاصيل الواقعة يقول: "في نهاية العام 2011 جاءت بعثة من القصر الجمهوري إلى متحف حلب والذي كان أخي يديره آنذاك، وأخذت هذه البعثة كل مقتنيات المتحف وخاصة ما خف وزنه وغلا ثمنه، وتم أخذ معظم المقتنيات بموجب محضر وتم التوقيع على المحضر عنوة" وفق تصريحاته.

المحاكم الدولية

وبسؤاله حول كيفية محاسبة النظام على تلك العملية وغيرها من العمليات المُتهم فيها النظام بنهبه وتدميره لمعظم المواقع الأثرية، يشير رئيس اللجنة الإدارية في الهيئة السورية للعدالة والإنقاذ الوطني، إلى أنه يمكن ملاحقة النظام في المحاكمة الدولية. ويتابع:  "للأسف هناك الكثير من المعارضة السياسية الذين يغفلون عن بعض الأمور القانونية والتي بموجبها يمكن ملاحقة نظام الأسد، فالفقرة ج من المادة 13 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تنص على أنه يجوز للمدعي العام ومن تلقاء نفسه ودون الرجوع إلى مجلس الأمن بالتحقيق مع مجرمي الحرب الذين تعمدوا توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية والتعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات، وأماكن تجمع المرضى والجرحى".

بدوره، يقول الناشط إبراهيم الإدلبي وهو من الناشطين الذين انخرطوا ضمن صفوف الجيش الحر في حلب القديمة، إن "جيش النظام كان يتخذ مواقع له داخل المواقع الأثرية وبصفة خاصة في القلاع القديمة، بما في ذلك المواقع الأثرية في مدينة حلب القديمة، وحولها إلى مواقع عسكرية، وكانت الاشتباكات دائرة في أسواق حلب القديمة، ناهيك عن القذائف اليومية في تلك الأسواق والمواقع التي تعد من أهم المواقع على لائحة اليونيسكو للتراث".

وفي مارس (آذار) 2014 استهدف قصف لقوات النظام "قلعة الحصن" بريف حمص، التي تعد أفضل الحصون الباقية من زمن الحروب الصليبية، وكانت مقرا رئيسيا وترسانة ومركز إمداد لصلاح الدين الأيوبي في معاركه ضد الصليبيين وآخرين، بحسب "بي بي سي". ونقل موقع "سي بي إس نيوز" عن عالم الآثار الإسباني رودريجو مارتن قوله: "لدينا حقائق تبين أن الحكومة تعمل مباشرة ضد التراث التاريخي للبلاد".

 تقارير دولية تؤكد اعتداءات "جيش الأسد" على "الآثار" والمناطق الأثرية السورية.. والنظام ينفي

وأفاد تقرير للمنظمة الثقافية للأمم المتحدة "اليونسكو" والمجموعة الأوروبية للحفاظ على التراث "يور وميد"، بأن مجموعات من الأشخاص قامت بإجراء عدة حفريات سرية، وكانت قوات الأمن أول تلك المجموعات.

من ناحيتها، نفت جهات حكومية أي اعتداءات الجيش على أي موقع أثري واتهمت "مسلحين" بهذه الجرائم، ففي يوليو (تموز) في العام 2012 أصدرت الحكومة السورية مذكرة تحذر من شبكات إجرامية لسرقة الآثار مزودة بأحدث التقنيات وتعمل في سوريا، ومنذ ذلك الوقت تم وضع القطع الفنية الثمينة من متاحف دمشق وحلب في خزنة بالبنك المركزي السوري. وفق بيان الحكومة.

وأكدت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة لوزارة الثقافة السورية في بيان "تدمير معبد عين دارة" وأدانت ما وصفته بـ "عدوان النظام التركي". ودعا البيان "المنظمات الدولية المعنية وكل مهتم بالتراث العالمي إلى إدانة هذا العدوان والضغط على النظام التركي لمنع استهداف المواقع الأثرية والحضارية" في شمال سوريا.

تهريب

ولا يتوقف الأمر عند تدمير عدد من المعالم التاريخية، بل امتد إلى تهريب قطع أثرية وعرضها للبيع على شبكة الإنترنت. وعلى سبيل المثال، فقد شملت المعروضات على إحدى الصفحات على "فيسبوك" في عام 2015، أحجارا كريمة وجواهر وتماثيل، وكما عرض القائمون على صفحة شراء الآثار المنهوبة أيضا.

وتقول "جمعية حماية الآثار السورية" ومقرها فرنسا إن 12 متحفاً من متاحف سوريا الـ 36 قد تعرضت للنهب، والتي تضمنت نقوداً ذهبية وفضية تعود للعصر البيزنطي، فضلاً عن قطع فخارية وزجاجية رومانية تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدولارات، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وبحسب الأمم المتحدة، تعرض أكثر من 300 موقع أثري سوري للأضرار أو التدمير أو النهب خلال النزاع المستمر منذ 7 سنوات ويتسبب يوميا في مقتل العشرات جراء المعارك والقصف المتبادل على جبهات عدة.

وبالرغم من الجراح النازفة في سوريا، فإن الدفاع عن موروث أقدم الحضارات هو واجبٌ إنساني يحمي هوية سوريا (سيدة التاريخ) كما يلقبها الخبراء، من قذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والدبابات والقصف المستمر لسلاح الجو التابع لجيش النظام القائم.