المزيد  
واشنطن تؤكد استعدادها لدعم تركيا فيما يخص إدلب
ميلشيا الحشد الشعبي العراقي يرسل مقاتليه إلى خطوط الجبهة في إدلب
عميد كلية الطب بدمشق: أكثر من 150 ألف حالة إصابة بـ "كورونا" في دمشق وحدها
بينهم قتلى من الحرس الثوري.. غارات على مواقع للميليشيات الإيرانية بدير الزور
ميشيل عون: وجود السوريين في لبنان "عبئاً كبيراً" .. ونطلب مساعدة "الهجرة الدولية" لإعادتهم
آلاف العناصر من "داعش" لا يزالون يتحركون بحرية تامة بين سوريا والعراق
مشافي حلب تعاني من نفاد أكياس الجثث بسبب فيروس "كورونا"
وفد المعارضة لـ "أنا برس": تم إلغاء أعمال اللجنة الدستورية بسبب اكتشاف 3 حالات بـ "كورونا"

النقد ينتصر لهيمنة الرواية ويتخلى عن الشعر

 
   
16:15

http://anapress.net/a/105297174355949
779
مشاهدة


النقد ينتصر لهيمنة الرواية ويتخلى عن الشعر
النقد العربي يوجه أقلامه إلى الرواية ويتخلى عن الشعر- أ

حجم الخط:

بات الحديث عن الفورة الروائية التي يشهدها العالم العربي منذ سنوات بديهيّا ومفهومًا ولم يعُد بحاجة إلى إثبات أو دلائل لا سيما بعدما تراجعت جميع الأجناس الأدبية لتتصدّر الرواية المشهد الأدبي باستمرار، وصارت الساحة النقدية بحاجة إلى أن تتوازى مع هذه الفورة الروائية وأن ترصدها وتحللها بإمعان وتروٍّ، إلا أن التهمة التي تُكال دومًا للنقد بأنه غير قادر على مواكبة الإبداع الروائي المتنامي والمتكاثر باستمرار لم تنتهِ، بل إنها تتزايد رغم ما يصدر من عشرات الكُتب سنويًا لقراءة الإبداعات الروائية من مختلف الأقطار العربية.

نظرةٌ على ما صدر خلال هذا العام من إصدارات نقدية تعكس هذا اللهاث المُتلاحق من قِبل النقاد العرب لدراسة التجارب الروائية البارزة في العالم العربي والوقوف على جمالياتها وسماتها الفنيّة والسرديّة، فضلًا عن إعادة النظر في أعمال الروّاد من الروائيين العرب والبحث عن نقاط جمالية وفنيّة لم يُتطرّق لها من قبل.

ولأن الرواية تحتلّ الصدارة وتليها القصة القصيرة ثم الشعر الذي يحتل ذيل القائمة على مستوى النشر والإبداع، فالنقد هو الآخر تركّز اهتمامه في إصدارات هذا العام على التجارب والقضايا الروائية، فيما جاءت التجارب النقدية المتعلّقة بالقصة القصيرة أو الشعر نادرة، وكذلك تجارب نقد النقد.

نقد الرواية

شهد عام 2018 العديد من الإصدارات النقديّة على مستوى العالم العربي، وخُصّص جزء كبير من الإصدارات لتناول تجارب كبار الروائيين سواء الراحلين أو المعاصرين بالدراسة والنقد، وكانت لأديب نوبل الروائي المصري نجيب محفوظ حصة كبيرة من الدراسات النقدية؛ ومن أبرز الكُتب التي تعرّضت لعوالم نجيب محفوظ هذا العام، كتاب “أولاد حارتنا: سيرة الرواية المُحرّمة” لمحمد شعير، الصادر عن دار العين للنشر في القاهرة، والذي يرصد أجواء الأزمة التي تعرض لها محفوظ إبان نشر روايته “أولاد حارتنا” وما تبعها من تكفير له ومحاولة لاغتياله. (اقرأ/ي أيضًا: هموم الواقع تُسيطر على القصة العربية).

بزوغ إصدارات نقدية تتعرّض لتجارب روائيّة وشعريّة بارزة
 

أما كتاب “نجيب محفوظ ناقدًا” للدكتور تامر فايز، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ففيه يُقّدم الكاتب مقاربة تأويلية لحوارات نجيب محفوظ المنشورة في المجلات الأدبية، بينما في كتاب محمود الشنواني، الصادر عن دار صفصافة بعنوان “ثلاثون عاما في صحبة نجيب محفوظ” فيحكي الكاتب عن لقاءاته مع نجيب محفوظ وأجواء ندواته. ويتعرّض الناقد مصطفى بيومي في كتابه “المسكوت عنه في عالم نجيب محفوظ”، الصادر عن مؤسسة مجاز لبعض الجوانب في إبداع نجيب محفوظ التي تمّ تجاهلها نقديًا ومنها تناوله لمسائل مثل العنوسة والشذوذ الجنسي والطلاق والشرطة والسلطة والجيش.

وبعيدًا عن نجيب محفوظ، كانت هناك إصدارات نقدية تتعرّض لتجارب روائيّة وشعريّة بارزة، ومن هذه المؤلفات كتاب “قضايا المرجع في تجربة محمود درويش الشعرية” لنورالدين الحاج، الصادر عن دار رؤية للنشر والتوزيع في القاهرة. كما صدر عن الهيئة المصرية العامة كتاب بعنوان “الكتابة على الحافة الحرجة” من إعداد أنس الوجود رضوان، وفيه رصد للكتابات والرؤى النقدية عن الروائي الراحل صبري موسى. كما صدر عن المركز القومي للترجمة كتاب بعنوان “يوسف إدريس: خفايا الإبداع″ لفاليريا كيربتشنكو، ومن ترجمة إيمان يحيى وتقديم خيري دومة. (اقرأ/ي أيضًا: 6 روايات سورية عن أجواء الحرب واللجوء في 2018).

في السياق، تعرّض الكاتب حمزة قناوي في كتابه “ثنائية الحاكم والمحكوم في روايات صنع الله إبراهيم”، الصادر عن دار العين للنشر، لتجربة الروائي المصري المعاصر صنع الله إبراهيم، فيما أصدرت دار رؤية للنشر والتوزيع كتابًا بعنوان “أطياف الاستشراق- تشكّلات الآخر في روايات أمين معلوف” للكاتب إبراهيم بوخالفة، وفيه يُقدّم الكاتب قراءة في ستّ روايات لمعلوف. بينما يقدّم الكاتب محمود عبدالشكور تجربة الروائي المصري محمد ناجي في كتابه “ذاكرة الظلال والمرايا ـ دراسات في أدب محمد ناجي”.

كما تناولت الكاتبة فريال جبوري غزول تجربة الروائي المصري إدوار الخراط في كتابها الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر بعنوان “الريادة في الرواية: ثلاثية الخراط” وفيه تتعرّض لدور الخراط في إثراء المشهد الأدبي العربي والعالمي. كما تناول الناقد التونسي مصطفى بوقطف في كتابه “الرواية والرسم من خلال نماذج روائية لإدوار الخراط”، الصادر عن دار كنوز المعرفة الأردنية أيضًا تجربة الخراط.

وسعيًا إلى قراءة المُنجز السردي للروائي الجزائري واسيني الأعرج، صدر للناقدة الأردنية رزان إبراهيم كتاب بعنوان “واسيني الأعرج: في التخييل وهاجس العالمية- أسئلة المنجز الجمالي والموضوعاتي”، عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع. بينما يسعى الشاعر المصري أشرف البولاقي في كتابه “تجليات استلهام التراث: قراءات نقدية في إبداعات معاصرة”، الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى تقديم قراءات نقدية في عدد من الأعمال الشعرية والقصصية والروائية، لأدباء من جنوب مصر، أما الكاتبة التونسية فاطمة بن محمود فصدر لها كتاب بعنوان “قراءات عاشقة وعالمة في القصة والقصة القصيرة جدا”، وفيه قدّمت مقاربات نقدية لمجموعة من القصّاصين المغاربة من أجيال ومدارس أدبية مختلفة.

قضايا نقدية 

في المقابل، ركّز عدد من الكتب الصادرة هذا العام على تقصّي بعض القضايا في الحقل الأدبي، ومنها كتاب “الإنترنت وشعريّة التناص في الرواية العربية”، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، للدكتور محمد هندي، وفيه يتناول آليات تقديم التناص في رواية الإنترنت. كما صدر أيضًا عن الهيئة المصرية كتاب بعنوان “الأدب العبري المعاصر: شاهد على قبر السلام” للدكتور أحمد فؤاد أنور، وفيه يعرض الكاتب صورة مصر في الأدب العبري الحديث والمعاصر.

 تراجع نقد الشعر لكن هذا العام لم يخلُ من بعض الدراسات الشعرية
 

وفي بيروت، صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب بعنوان “كافكا والكافكوية والرواية العربية والبحث عن الخلاص” للناقد العراقي نجم عبدالله كاظم، والذي تناول فيه أدب كافكا بوصفه تيارًا وسم كثيرا الروايات العربية، عارضًا لعدد من النماذج الروائية مما رأى المؤلف غلبة الطابع الكافكاوي عليها. كما صدر للناقد العراقي جميل الشبيبي عن دار شهريار كتاب بعنوان “جدل الهوية في الرواية العراقية الجديدة”، وفيه قدّم قراءاته النقدية لعدد من الروايات العراقية الصادرة بعد عام 2003.

وفي القاهرة، صدر للناقد المصري صلاح فضل كتاب بعنوان “أساليب السرد في الرواية العربية”، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، وفيه يُصنّف الكاتب أساليب السرد في الرواية إلى ثلاثة أنواع وهي: درامية وغنائية وسينمائية. كما أصدر الناقد محمد الأمين كتابًا بعنوان “النقد الأسطوري بين التأسيس والتجنيس والنقد”، عن منشورات الاختلاف الجزائرية ومنشورات ضفاف، وفيه يتعرّض لتداخلات الأسطورة في الأدب.

وعلى صعيد الإشكاليات النظرية، صدر عن منشورات ضفاف كتاب للناقد المغربي سعيد بنكراد بعنوان “سميائيات النص – مراتب المعنى”، كما صدر عن جامعة الملك سعود كتاب “النظرية السيميائية من العلامة إلى الخطاب” لأحمد يوسف. وعن دار لوسيل الدوحة صدر كتاب بعنوان “النظرية النقدية- مدرسة فرانكفورت وتشكيل النقد الأدبي العربي المعاصر”.

الشعر ونقد النقد

تراجع نقد الشعر لكن هذا العام لم يخلُ من بعض الدراسات الشعرية فقد أصدر الباحث اللبناني شربل داغر كتابا بعنوان “الشعر العربي الحديث: قصيدة النثر”، من إصدارات منتدى المعارف، تعرّض فيه لعدد من الإشكاليات المتعلقة بقصيدة النثر العربية. فيما بحثت التونسية آمنة الرميلي الوسلاتي في الشعر العربي القديم على وجه الخصوص في كتابها “كتابة القتل في الأدب العربي القديم”، الصادر عن دار زينب للنشر والتوزيع.

وفي كتاب”مرجعيات الشعر العربي المعاصر بالمغرب” للشاعر والناقد المغربي يحيى عمارة، الصادر عن دار النشر مقاربات، يسعى المؤلف إلى توضيح المؤثرات الكبرى على القصيدة العربية بالمغرب، بدءا من المرجعية القرآنية، مرورًا بالمرجعية التراثية والجمالية والصوفية والحكاية الشعبية والتاريخية والأسطورية. فيما تناول الناقد العراقي ياسين النصير بالدراسة شعر هاشم شفيق في كتابه “المخيلة الحسية ـ دراسة سوسيولوجية ـ أنطولوجية في شعر هاشم شفيق”.

ولا تزال الدراسات النقدية في حقل نقد النقد حيّة بشكل كبير، مقارنة بالإصدارات الأخرى المُهتمّة بالنقد التطبيقي وملاحقة النشر الروائي.

إجمالًا، يمكن القول بأن الدراسات النقدية الصادرة هذا العام، قد غفلت حتى في جانبها الأثير عن كثير من الإبداعات والتجارب الروائية في السنوات الأخيرة، والتي اكتست بملامح مغايرة عن الأعمال الروائية في أجيال قديمة، وهو ما يتطلب جهودًا نقدية مُكثّفة للتركيز على تلك التغيّرات بشكل أعمق وأكبر، بدلًا من اجترار القضايا والأحاديث ذاتها أو انحصار الكتابات النقدية في تجارب مُحدّدة فقط لأنه ثبت رسوخها وأهميتها، فذلك لا ينفي ضرورة تسليط الضوء على التغيّرات الحديثة في الكتابات الروائية الجديدة، فضلًا عن ضرورة الاهتمام النقدي بالحقول الأخرى غير الرواية من شعر وقصة قصيرة وما تفرّع عنهما من أشكال وكتابات جديدة تستحق التأمُل والدراسة.

 

*هذه المادة بالتعاون مع صحيفة العرب اللندنية.




كلمات مفتاحية